جلسه هشتاد و یکم ۲۶ بهمن ۱۳۹۵

نوشته شده توسط مقرر. ارسال شده در اصول سال ۹۶-۱۳۹۵

استصحاب/ تنبیهات: استصحاب کلی

بحث در کلام آخوند در جریان استصحاب کلی قسم دوم بود. دو اشکال در کلام آخوند مطرح شده است یکی نسبت به عدم تمامیت ارکان استصحاب است و دیگری نسبت به وجود مانع و معارض است.

اشکال اول این است که ارکان استصحاب در قسم دوم تمام نیست چون کلی در ضمن فرد محقق می‌شود و فرض ما این است که اگر کلی در ضمن فرد قصیر موجود شده باشد یقینا مرتفع شده است پس شکی در آن نیست تا مجرای استصحاب باشد و اگر در ضمن فرد طویل موجود شده باشد به حدوث آن یقین نداریم، پس در هر صورت ارکان استصحاب تمام نیست.

مرحوم آخوند فرمودند مستصحب فرد نیست تا قصیر متقین الارتفاع باشد و طویل مشکوک الحدوث باشد بلکه مستصحب جامع و کلی است که متیقن الحدوث بوده است (در ضمن هر فردی موجود شده باشد) و اکنون در بقای آن شک داریم. بنابراین ارکان استصحاب تمام است.

اشکال دیگری که مطرح شد این بود که اصل عدم حدوث فرد طویل حاکم بر استصحاب بقای جامع و کلی است. چون شک در بقای جامع و کلی معلول شک در حدوث فرد طویل است و استصحاب عدم حدوث فرد طویل شک در بقای جامع و کلی را از بین می‌برد.

مرحوم شیخ از این اشکال یک جواب بیان کرده‌اند و مرحوم آخوند سه جواب در رد این اشکال ذکر کرده‌اند.

از نظر ما جواب سوم آخوند همان جواب مرحوم شیخ است و مرحوم اصفهانی معتقد است جواب اول مرحوم آخوند همان جواب شیخ است.

ما سابقا جواب اول مرحوم آخوند را این طور تقریر می‌کردیم که با استصحاب عدم حدوث فرد طویل نمی‌توان نبود کلی را نتیجه گرفت چون ارتفاع کلی از آثار عدم حدوث فرد طویل نیست بلکه از آثار اتصاف فرد حادث به عدم طویل بودن است.

ارتفاع کلی از آثار اتصاف حادث به قصیر بودن است و بقای کلی از آثار اتصاف حادث به طویل بودن است. و با استصحاب عدم حدوث فرد طویل، نمی‌توان نتیجه گرفت که حادث متصف به طویل بودن نبوده است چون اصل مثبت است.

به عبارت دیگر با استصحاب عدم که مفاد لیس تامه است نمی‌توان مفاد لیس ناقصه را نتیجه گرفت. همان طور که با استصحاب عدم وجود کر در این جا (مفاد لیس تامه) نمی‌توان اثبات کرد که این آب موجود کر نیست (مفاد لیس ناقصه).

با استصحاب عدم حدوث فرد طویل نمی‌توان اثبات کرد که حادث فرد طویل نبوده است.

این بیان، همان بیان مرحوم آقای خویی از کلام آخوند است و لذا مرحوم آقای خویی به آخوند اشکال کرده‌اند که اگر ما استصحاب عدم ازلی را بپذیریم این جواب تمام نیست چون مفاد استصحاب عدم ازلی، لیس ناقصه است یعنی با این اصل اثبات می‌کنیم که فرد حادث متصف به طویل بودن نیست. (به این بیان که این فرد حادث در زمانی که نبود متصف به طویل بودن نبود چون وجود نداشت شک داریم بعد از وجود متصف به طویل بودن شده است یا نه؟ استصحاب می‌کنیم فرد حادث هم چنان متصف به طویل بودن نیست)

البته کلام آقای خویی با ظاهر کلام آخوند متفاوت است چون آنچه در کلام آخوند آمده بود استصحاب عدم و لیس تامه بود نه استصحاب عدم ازلی. بله هر دو اشکال (هم آنچه مذکور در کلام آخوند است و هم آنچه در کلام آقای خویی مذکور است) در نتیجه مشترکند.

مرحوم اصفهانی کلام آخوند را طور دیگری بیان کرده‌اند. و عبارت مرحوم آخوند هم با بیان مرحوم اصفهانی مساعد است. مرحوم آخوند فرمودند بقای کلی از لوازم حدوث فرد طویل نیست و ارتفاع کلی هم از لوازم عدم حدوث فرد طویل نیست.

یعنی ایشان ملازمه را (چه عقلی و چه شرعی و ...) نفی می‌کنند و مرحوم اصفهانی می‌فرمایند این واضح است.

مرحوم اصفهانی می‌فرمایند شک در بقای کلی، شک در وجود کلی در آن دوم نیست بلکه شک در وجود بعد از وجود است. همان طور که احتمال عدم وجود کلی در زمان دوم، عدم مطلق نیست بلکه عدم بعد از وجود است چون می‌دانیم جامع در زمان اول موجود شده است و در بقاء و عدم بقای آن شک داریم پس در وجود بعد از وجود یا عدم بعد از وجود شک داریم و روشن و واضح است که شک در عدم بعد از وجود معلول عدم حدوث طویل نیست. عدم کلی بعد از وجود معلول عدم حدوث طویل نیست تا با استصحاب عدم حدوث طویل، اثبات کنیم عدم بعد از وجود نبوده است.

چون عدم بعد از وجود یعنی قبلا بوده است و بعدا معدوم شده است و این معلول این است که آنچه حادث بوده است قصیر بوده است و گرنه این طور نیست که اگر حادث فرد طویل بوده نباشد، عدم بعد از وجود باشد بلکه اگر حادث فرد قصیر بوده باشد عدم بعد از وجود است.

و این همان جواب و کلام شیخ است.

با این بیان ادعای مرحوم آخوند این است که عدم وجود کلی، معلول عدم حدوث فرد طویل نیست و از لوازم آن نیست اما چرا نیست در کلام ایشان نیامده است.

مرحوم اصفهانی این را توضیح داده‌اند که عدم وجود کلی از لوازم عدم حدوث فرد طویل نیست بلکه از لوازم حدوث فرد قصیر است چون شک ما در آن دوم شک در عدم بعد از وجود است یعنی یک امر مرکبی است که وجود در آن اول باشد و در آن دوم معدوم باشد و این معلول اتصاف حادث به قصیر بودن است نه اینکه معلول عدم اتصاف حادث به طویل بودن است. اثبات اینکه حادث طویل نبوده است اثبات نمی‌کند که کلی در آن اول بوده است و در آن دوم معدوم است.

 

ضمائم:

کلام مرحوم آقای خویی:

و (أما القسم الثاني) فيجري فيه الاستصحاب أيضا، ففي مثال الحدث المردد بين الأكبر و الأصغر نجري الاستصحاب في الكلي و نحكم بعدم جواز الدخول في الصلاة. و حرمة مس كتابة القرآن. و أما عدم جواز المكث في المسجد، فليس أثراً لجامع الحدث، بل لخصوص الجنابة، و لا مجال لجريان الاستصحاب فيها لعدم اليقين بها. نعم لا يجوز له المكث في المسجد، لأجل العلم الإجمالي بحرمته أو بوجوب الوضوء للصلاة، و هو شي‏ء آخر لا ربط له بمسألة الاستصحاب.

و استشكل بعضهم في جريان الاستصحاب في القسم الثاني بأن الاستصحاب فيه و إن كان جارياً في نفسه لتمامية موضوعه من اليقين و الشك، إلا أنه محكوم بأصل سببي، فان الشك في بقاء الكلي مسبب عن الشك في حدوث الفرد الطويل، و الأصل عدمه، ففي المثال يكون الشك في بقاء الحدث مسبباً عن الشك في حدوث الجنابة، فتجري أصالة عدم حدوث الجنابة. و بانضمام هذا الأصل إلى الوجدان يحكم بارتفاع الحدث، فان الحدث الأصغر مرتفع بالوجدان، و الحدث الأكبر منفي بالأصل.

و أجيب عنه بوجوه:

(الأول)- ما في الكفاية من أن الشك في بقاء الكلي ليس مسبباً عن الشك في حدوث الفرد الطويل، بل مسبب عن الشك في كون الحادث طويلًا أو قصيراً.

و بعبارة أخرى الشك في بقاء الكلي مسبب عن الشك في خصوصية الفرد الحادث، و ليس له حالة سابقة حتى يكون مورداً للأصل، فتجري فيه أصالة عدم كونه طويلا، فما هو مسبوق بالعدم و هو حدوث الفرد الطويل ليس الشك في بقاء الكلي مسبباً عنه، و ما يكون الشك فيه مسبباً عنه و هو كون الحادث طويلا ليس مسبوقا بالعدم، حتى يكون مورداً للأصل. و هذا الجواب مبني على عدم جريان الأصل في العدم الأزلي. و أما إذا قلنا بجريانه كما هو الصحيح على ما ذكرنا في محله، فلا مانع من جريان أصالة عدم‏ كون الحادث طويلا، و لذا بنينا في الفقه على عدم جريان استصحاب الكلي، للأصل السببي الحاكم عليه في موارد: (منها)- ما إذا شك في كون نجسٍ بولًا أو عرق كافر مثلًا، فتنجس به شي‏ء، فغسل مرة واحدة، فلا محالة نشك في بقاء النجاسة و ارتفاعها على تقدير اعتبار التعدد في الغسل في طهارة المتنجس بالبول، إلا أنه مع ذلك لا نقول بجريان الاستصحاب في كلي النجاسة و وجوب الغسل مرة ثانية، لأنه تجري أصالة عدم كون الحادث بولا فنحكم بكفاية المرة، للعمومات الدالة على كفاية الغسل مرة واحدة و خرج عنها البول بأدلة خاصة.

(الثاني)- ما ذكره أيضا في الكفاية: و هو أن بقاء الكلي عين بقاء الفرد الطويل، فان الكلي عين الفرد لا أنه من لوازمه، فلا تكون هناك سببية و مسببية.

و فيه أن العينية لا تنفع، بل جريان الاستصحاب في الكلي على العينية أولى بالإشكال منه على السببية.

(الثالث)- ما ذكره العلامة النائيني (ره) و هو أن الأصل السببي معارض بمثله، فان أصالة عدم حدوث الفرد الطويل معارض بأصالة عدم حدوث الفرد القصير، و أصالة عدم كون الحادث طويلا معارض بأصالة عدم كون الحادث قصيراً، و بعد سقوط الأصل السببي للمعارضة تصل النوبة إلى الأصل المسببي، و هو استصحاب بقاء الكلي.

و فيه أن دوران الأمر بين الفرد الطويل و القصير يتصور على وجهين:

(الوجه الأول)- أن يكون للفرد الطويل أثر مختص به و للفرد القصير أيضا أثر مختص به، و لهما أثر مشترك بينهما كما في الرطوبة المرددة بين البول و المني، فان الأثر المختص بالبول هو وجوب الوضوء و عدم كفاية الغسل للصلاة، و الأثر المختص بالمني هو وجوب الغسل و عدم كفاية الوضوء، و عدم جواز المكث في المسجد، و عدم جواز العبور عن المسجدين، و الأثر المشترك هو حرمة مس كتابة القرآن، ففي مثل ذلك و إن كان ما ذكره من تعارض الأصول صحيحاً، إلا أنه لا فائدة في جريان الاستصحاب في الكلي في مورده، لوجوب الجمع بين الوضوء و الغسل في المثال بمقتضى العلم الإجمالي، فان نفس العلم الإجمالي كاف في وجوب إحراز الواقع، و لذا قلنا في دوران الأمر بين المتباينين بوجوب الاجتناب عن الجميع للعلم الإجمالي، فهذا الاستصحاب مما لا يترتب عليه أثر.

(الوجه الثاني)- أن يكون لهما أثر مشترك و يكون للفرد الطويل أثر مختص به، فيكون من قبيل دوران الأمر بين الأقل و الأكثر، كما في المثال الّذي ذكرناه من كون نجس مردداً بين البول و عرق الكافر، فان وجوب الغسل في المرة الأولى أثر مشترك فيه، و وجوب الغسل مرة ثانية أثر لخصوص البول، ففي مثله لو جرى الاستصحاب في الكلي وجب الغسل مرة ثانية، و لو لم يجر كفى الغسل مرة، لكنه لا يجري لحكومة الأصل السببي عليه، و هو أصالة عدم حدوث البول أو أصالة عدم كون الحادث بولا، و لا تعارضها أصالة عدم كون الحادث عرق كافر أو أصالة عدم حدوثه، لعدم ترتب أثر عليها، إذ المفروض العلم بوجوب الغسل في المرة الأولى على كل تقدير، فإذاً لا يجري الأصل في القصير حتى يعارض جريان الأصل في الطويل.

و أما إثبات حدوث الفرد الطويل بأصالة عدم حدوث الفرد القصير، فهو متوقف على القول بالأصل المثبت و لا نقول به.

و ملخص الإشكال على هذا الجواب أنه في القسم الأول، و إن كانت الأصول السببية متعارضة متساقطة، إلا أنه لا أثر لجريان الاستصحاب في الكلي، لتنجز التكليف بالعلم الإجمالي. و في القسم الثاني يكون الأصل السببي حاكما على استصحاب الكلي و لا يكون له معارض، لعدم جريان الأصل في الفرد القصير لعدم‏ ترتب الأثر عليه.

(الرابع)- ما ذكره أيضا في الكفاية و جعله ثالثاً من الأجوبة، و هو أن الشك في بقاء الكلي و إن سلم كونه مسبباً عن الشك في حدوث الفرد الطويل، إلا أن مجرد السببية لا تكفي في حكومة الأصل السببي على الأصل المسببي، بل الميزان في الحكومة أن يكون ثبوت المشكوك الثاني أو انتفاؤه من الآثار الشرعية للأصل السببي، ليكون الأصل السببي رافعاً للشك المسببي بالتعبد الشرعي، فلا يجري الأصل فيه، لانتفاء موضوعه و هو الشك بالتعبد الشرعي. و (الأول) و هو ما كان ثبوت المشكوك الثاني من اللوازم الشرعية للأصل السببي، كما في استصحاب الطهارة بالنسبة إلى قاعدة الطهارة، فان استصحاب الطهارة يرفع الشك في الطهارة و يثبتها شرعاً، فلا مجال لجريان قاعدة الطهارة، لانتفاء موضوعها و هو الشك بالتعبد الشرعي.

و (الثاني) و هو ما كان انتفاء المشكوك الثاني من الآثار الشرعية للأصل السببي كما في تطهير ثوب متنجس بماء مستصحب الطهارة، فان طهارة الثوب المغسول به من الآثار الشرعية لاستصحاب الطهارة فيه، فلا يبقى معه شك في نجاسة الثوب ليجري فيها الاستصحاب، فانها قد ارتفعت بالتعبد الشرعي. و هذا بخلاف المقام فان عدم بقاء الكلي ليس من الآثار الشرعية لعدم حدوث الفرد الطويل، بل من لوازمه العقلية، فلا حكومة لأصالة عدم حدوث الفرد الطويل على استصحاب الكلي.

و هذا هو الجواب الصحيح، فلا ينبغي الإشكال في جريان القسم الثاني من استصحاب الكلي.

ثم لا يخفى أن ما ذكرنا من جريان الاستصحاب في الكلي إنما هو فيما إذا لم يكن أصل يعين به الفرد، و إلا فلا مجال لجريان الاستصحاب في الكلي، كما إذا كان أحد محدثا بالحدث الأصغر، فخرجت منه رطوبة مرددة بين البول و المني ثم توضأ فشك‏ في بقاء الحدث، فمقتضى استصحاب الكلي و إن كان بقاء الحدث، إلا أن الحدث الأصغر كان متيقناً، و بعد خروج الرطوبة المرددة يشك في تبدله بالأكبر، فمقتضى الاستصحاب بقاء الأصغر و عدم تبدله بالأكبر، فلا يجري الاستصحاب في الكلي، لتعين الفرد بالتعبد الشرعي، فيكفي الوضوء. نعم من كان متطهراً ثم خرجت منه الرطوبة المرددة لا يجوز له الاكتفاء بالوضوء فقط، بل يجب عليه الجمع بين الوضوء و الغسل فما ذكره صاحب العروة من عدم كفاية الوضوء فقط محمول على هذه الصورة كما يظهر من مراجعة كلامه (ره).

و لا يتوقف ما ذكرنا- من تعين الأصغر بالأصل و عدم جريان الاستصحاب في الكلي- على كون الحدث الأصغر و الأكبر من قبيل المتضادين بحيث لا يمكن اجتماعهما، بل الفرد يعين بالأصل على جميع الأقوال فيهما، فان الأقوال فيهما ثلاثة: (الأول)- كونهما متضادين (الثاني)- كونهما شيئاً واحداً و إنما الاختلاف بينهما في القوة و الضعف، فالأصغر مرتبة ضعيفة من الحدث، و الأكبر مرتبة قوية منه، كما قيل في الفرق بين الوجوب و الاستحباب: ان الوجوب مرتبة قوية من الطلب و الاستحباب مرتبة ضعيفة منه (الثالث)- كونهما من قبيل المتخالفين بحيث يمكن اجتماعهما كالسواد و الحلاوة مثلا، فعلى الأول نقول حيث أن الأصغر كان متيقناً و شك في تبدله بالأكبر فالأصل عدم تبدله به. و على الثاني نقول الأصل عدم حدوث المرتبة القوية بعد كون المرتبة الضعيفة متيقنة. و على الثالث نقول الأصل عدم اجتماع الأكبر مع الأصغر، فعلى جميع الأقوال يعين الفرد فلا مجال لجريان الاستصحاب في الكلي.

مصباح الاصول، جلد ۲، صفحه ۱۰۵

 

کلام مرحوم اصفهانی:

و أما استصحاب الكلي، مع تردد الفردين مقطوع البقاء و مقطوع الارتفاع، فتحقيق القول فيه ببيان ما توهم مانعاً عنه.

فنقول: إنّ توهّم المنع منه من وجهين: أشار إليهما الشيخ الأعظم- قدّه- في الرسائل‏:

أحدهما- أن وجود الكلي بوجود فرده، و من الواضح أنّ وجود الكلي في‏ ضمن الفرد القصير مقطوع الارتفاع في الزمان الثاني، و وجوده في ضمن الفرد الطويل مشكوك الحدوث من الأول، بل منفي بالأصل، فلا شك في بقاء الكلي لليقين وجداناً بارتفاعه في ضمن أحدهما، و لليقين تعبداً بعدمه في ضمن الآخر، فالكلي بكلا وجوديه مقطوع العدم في الزمان الثاني.

و إن شئت قلت: ان الكلي هي الحصة من الطبيعة النوعية مثلًا الموجودة بوجود الفرد فهي موجودة بالعرض و ما بالعرض يتبع ما بالذات، فإذا كان ما بالذات مقطوع العدم، إما وجداناً أو تعبداً فلا يعقل أن يكون ما بالعرض مشكوكاً.

و منه تعرف أنّ الإشكال لا يدور مدار جعل الفرد علة لوجود الكلي، و لو بمعنى كونه منشأ لانتزاعه- حتى لا يعقل بقاء الأمر الانتزاعي، و المعلوم مع عدم العلة، لتوهم أنه لو قلنا: بأن وجود الكلي عين وجود الفرد، يتخلص به من الإشكال- بل الإشكال واضح الورود على القول بوجود الكلي بعين وجود فرده أيضاً، كما قربناه.

لكنّه لا يخفى عليك أنّ مرجع هذا الإشكال، و ان كان إلى عدم الشك في البقاء، إلّا أنه لو صح للزم منه عدم اليقين بالحدوث أيضاً: إذ ليس الكلي حينئذٍ إلّا الحصة الموجودة بوجود الفرد، و كما أنّ كل فرد مشكوك الحدوث من حيث نفسه، فكذا الحصة الموجودة به، فلا يقين بوجود هذه الحصة، و لا يقين بوجود تلك الحصة، و لا موجود آخر، مع قطع النّظر عن الفردين و عن الحصتين.

و أما اليقين بالحصّة المرددة بين الحصتين، فلو صحّ لكان كاليقين بالفرد المردد فما المانع حينئذٍ من استصحاب الفرد المردد، و كما يقال: لا شك في بقاء الفرد المردد بعد الإتيان بأحدهما، كذلك لا شك في بقاء الحصة المرددة بعد الإتيان بإحدى الحصتين في ضم أحد الفردين.

و الجواب عنه: يتوقف على بيان مقدمة: هي أنّ الفرد ليس زيداً مثلًا بما له من الجواهر و الاعراض، لأن بياضه مثلًا فرد طبيعة الكيف و المبصر، و طوله فرد طبيعة الكم المتصل، إلى غير ذلك من عوارضه، و ليس فرد طبيعة مناط فردية طبيعة أخرى، بل زيد- بنفسه و بدنه- فرد طبيعة الإنسان، غاية الأمر أنّ طبيعي الإنسان المركب من النّفس و البدن، تارة يلاحظ بذاته بحيث يكون النّظر مقصوراً على ذاته و ذاتياته، فهذه ملاحظة نفس الطبيعي الوجداني، فان صرف الشي‏ء واحد لا يتثنى من قبل ذاته، و أخرى يلاحظ حصة من هذا الطبيعي الوجداني متعينة بتعينات الزيديّة، فذات الحصة المحفوفة بتلك التعينات- لا مع مجموع التعينات- هي الماهية الشخصية بتشخص ماهوي، و بلحاظ تقرر ذات الحصة في زيد المحفوف بأنحاء التعين، يكون زيد فرداً لطبيعي الإنسان، كما أنّ حصة من طبيعي البياض- المتعينة بقيامها بزيد- فرد من طبيعة الكيف المبصر و هكذا.

و من البيّن أنّ نفس الطبيعي- بما هو- لا وجود له يختص به في نظام الوجود، بل لا يوجد إلّا متعيناً بأحد أنحاء التعينات لكن اللامتعين بذاته موجود في ضمن المتعين، و لذا جعل الطبيعي جزءاً للفرد، أي تحليلًا، لانحلال الفرد إلى ذات الحصة و تعينها.

و حيث أنّ الوجود- أولا- و بالذات- للمتعين و ثانياً و بالعرض لذات المتعين، جعل الفرد واسطة في عروض الوجود على الطبيعي.

و عليه فنقول: الطبيعي المعبر عنه بالقدر المشترك هنا، و إن كان وجوده بعين وجوده الفرد- بالمعنى المتقدم- فهو بحسب وجوده الواقعي له نحو تعين، إلّا أنه ربما يكون معلوماً بماله من التعين و ربما يكون معلوماً بذاته.

و حيث أنّ المفروض أنّ تعيّن الفرد الطويل، و تعيّن الفرد القصير هنا- بنفسه في كل منهما- مجهول و التعين المردد بين نحوي التعين لا ثبوت له واقعاً كي يكون له ثبوت علماً، فالمعلوم في فرض دوران الأمر بين الفردين ليس إلّا ذات المتعين، أي ذات الحصة و ذات الطبيعي، و لا ملازمة- بوجه- بين كون ذات المتعين معلوماً و كون تعينه أيضاً معلوماً و بعد زوال أحد التعينين يكون بقاء ذات المتعين و ارتفاعه مشكوكاً، لاحتمال كون تعينه هو التعين الباقي أو هو التعين الزائل، و ارتفاع الفرد لا يقتضي إلّا ارتفاع الحصة المتعينة به، و هي غير معلومة، بل المعلوم ذات الحصة.

و قد عرفت أنّ تعينها واقعاً غير تعينها علماً، فالقطع- بزوال حصة متعينة- غير القطع بزوال ذات الحصة الّتي تعلق بها العلم.

كما أنّ التعبد- بارتفاع حصة متعينة- غير التعبد بارتفاع ذات الحصة المتعلق بها العلم، فالمعلوم حدوثه لا علم بارتفاعه، و لا تعبد بارتفاعه، بل لمكان القطع بزوال تعين خاص يشك في ارتفاع ذات الحصة و بقائها.

كما أنّ التعبد- بعدم تعين خاص، لسبق عدمه- غير التعبد بعدم ذات الحصة، مع انقلاب عدمها إلى الوجود و سيأتي‏ إن شاء اللّه تعالى أنّ الأصل- بالإضافة إلى القدر المشترك- معارض بمثله، فلا ينتج أنّ ذات الحصة لا شك في بقائها، إما وجداناً أو تعبداً. هذا تمام الكلام في التوهم الأول.

ثانيهما- أنّ الشك في بقاء الكل مسبب عن الشك في حدوث الفرد الطويل، فانه الّذي يكون الكلي باقياً بسبب بقائه، و الأصل عدم حدوثه، و مع جريان الأصل في السبب لا مجال للأصل في المسبب.

و الجواب عنه بالبحث في مقامات:

أحدها- كون الشك في الكلي ناشئاً من الشك في حدوث الفرد الطويل.

ثانيها- في أنّ بقاء الكلي و ارتفاعه من لوازم الفرد الطويل حدوثاً و بقاء شرعاً.

ثالثها- في جريان الأصل فيه، بلا معارضة بمثله.

أما المقام الأول- فتحقيق الحال فيه: إن مفروض الكلام- بناء على هذا التوهّم- الفراغ عن أصل وجود الكلي، و أن مورد الشك هو الوجود بعد الوجود، و هو منشأ انتزاع البقاء و العدم بعد الوجود، و هو منشأ انتزاع الارتفاع.

و من الواضح: أنّ الشك- في الوجود بعد الوجود، و في العدم بعد الوجود- لا يعقل أن يكون مسبباً عن الشك في حدوث الفرد الطويل و عدمه، لأنه مناف للقطع بوجوده من الأول، و لا يجامع احتمال عدمه من الأول، بل يستحيل أن‏ يكون عدم الكلي بعد وجوده مستنداً إلى عدم الفرد الطويل من الأول، و إلّا لما وجد من الأول، بل احتمال الوجود و العدم- بعد الوجود- في الكلي يستند إلى احتمال وجود الفردين، فيحتمل عدمه بعد الوجود، لاحتمال وجود الفرد القصير المنعدم فعلًا، و يحتمل وجوده بعد الوجود لاحتمال وجود الفرد الطويل من الأول.

و لا يخفى أنّ وجود الكلي، و إن كان بوجود فرده، و عدمه بعدم فرده، لا بعدم شي‏ء آخر، إلّا أنّ هذه الملازمة- الواقعية- لا تجدي في ظرف الشك، بل الشك لتقومه باحتمال الوجود و العدم- مع فرض القطع بأصل الوجود من الأول- يستحيل أن يكون مقومه وجود فرد مخصوص و عدمه.

و عليه فاحتمال وجود الكلي و عدمه- في ثاني الحال- مسبب عن الشك في أنّ الحادث المعلوم بذاته أي الفردين هل هو الفرد الطويل؟ حتى يكون باقياً، أو الفرد القصير؟ حتى يكون مرتفعاً و لا أصل يعين الحادث حتى يرتفع الشك بسببه.

و ما ذكرنا هو المراد مما أفاد الشيخ الأجل قدّه- في الرسائل‏ من أنّ ارتفاع القدر المشترك من آثار كون الحادث ذلك الفرد المقطوع الارتفاع، لا من آثار عدم حدوث الأمر الآخر.

لا أنّ مراده تعليق الحكم على البقاء و الارتفاع، و عدم حدوث الأمر الآخر لا يثبت الارتفاع، حتى يقال‏: بأن الحكم في الأدلة معلق على الوجود و العدم، لا على البقاء و الارتفاع، أو يتكلف في جوابه بأن الحكم في الأدلة، و إن كان كذلك، إلّا أنه في عنوان الاستصحاب أخذ الشك في البقاء و الارتفاع. فتدبر جيّداً.

و أما المقام الثاني- فمختصر القول فيه: إنه يتوقف صحة التوهم المزبور على سببية وجود الفرد لوجود الكلي، و ترتب وجود الكلي على وجود فرده، ترتب المسبب على سببه في ذاته، و على أن يكون هذا الترتب شرعياً، حتى يكون الأصل في السبب، حاكماً على الأصل في المسبب و رافعاً للشك في ترتبه عليه شرعاً و كلاهما واضح البطلان.

أما أصل الترتب، و السببية و المسببية فلما هو المعروف من العينية بين الطبيعي و فرده، و أن وجوده بعين وجوده، فلا اثنينية حتى يتوهم السببية و المسببية.

و أما العلية بمعنى كون الفرد مجرى فيض الوجود بالإضافة إلى الماهية النوعية، كالفصل بالإضافة إلى الجنس، و كالصورة بالإضافة إلى المادة، فهي بمعنى لا ينافي العينية في الوجود.

فان ملاك العلية هو ملاك العينية، و ذلك لأن الموجود- بالذات- هي الصورة و هي جهة الفعلية، و الموجود- بالغرض- هي جهة القوة، و هي المادة، لأن التركيب بينهما على التحقيق اتحادي لا انضمامي، و المجعولات بجعل واحد لا يعقل أن يستقل كل منهما بالوجود- فلا محالة- يكون المجعول بالذات هو الموجود بالذات، فأحدهما مجعول و موجود بالذات، و الآخر مجعول و موجود بالعرض، و كل مجعول بالذات فاعل ما به الوجود- لا منه الوجود- بالإضافة إلى المجعول و الموجود بالعرض.

فملاك العينية- و هي وحدة الوجود المنسوب إلى أحدهما، بالذات و إلى الآخر بالعرض- هو ملاك العلية كما عرفت.

و هكذا في الماهية الكلية، و الماهية الشخصية، فان الماهية- الكلية اللامتعينة- لا يعقل استقلالها بالوجود، و المتعين موجود، و هو اللامتعين بضميمة التعين تحليلًا.

فالوجود منسوب إلى الماهية الشخصية المتعينة- بالذات- و إلى الماهية الكلية بالعرض في ذاتها- بالعرض- و لكل ما بالذات نحو من العلية، بالإضافة إلى ما لا متعينة في ذاتها- بالعرض،- و لكل ما بالذات نحو من العلية بالإضافة إلى ما بالعرض، من دون تخلّل جعل ليكون أحدهما موجوداً مبايناً مترتباً على موجود آخر.

و مما ذكرنا تبين أنّ القول بكون الفرد علة للكلي صحيح- على وجه- و غير صحيح- على وجه آخر- و أنّ كون الكلي من لوازم الفرد صحيح على الوجه المزبور.

لكنه نظير لوازم الماهية المجعولة بجعلها، من دون تخلل الجعل بينهما و أن العينية في الوجود لا تنادي كون الفرد منشأ انتزاع الكلي.

كما أنّ كلّ ما بالذات بالإضافة إلى ما بالعرض، كذلك، و أن وجود الكلي بالذات مبني على القول بتأصل الماهية، فانه حيث كان مناط التأصل في نفس ذاتها، و هي واجدة لذاتها و ذاتياتها، هي متحصلة في نفس ذاتها.

و هذا هو من مفاسد القول بأصالة الماهية و تمام الكلام في محله.

و أما أنّ الترتب ليس بشرعي فهو واضح، إذ لم يترتب- في خطاب من الشارع- وجود الحدث الكلي على وجود فرده، ليكون ترتبه عليه على فرض تحققه شرعياً.

و لا يخفى عليك أنّ الكلام في ترتب وجود الطبيعي على وجود فرده، لا على وجود سببه.

فما عن بعض أجلة العصر- في مقام الجواب عن السببية و المسببية، بأن الكليات مختلفة: فمنها ما يكون ترتبه على محققاته شرعاً، كالإحداث بالإضافة إلى محققاتها. و منها ما يكون ترتبه على محققاته عقلياً، كالإنسان بالإضافة إلى زيد و عمرو و بكر- خلط بين المحقق بمعنى المصداق، و المحقق بمعنى السبب، و إلّا فوجود الطبيعي من الحدث بالإضافة إلى افراده الحاصلة- بالنوم، و البول، و الجماع و نحوها- كوجود طبيعي الإنسان بالنسبة إلى افراده، نعم محققاته‏ و أسبابه مختلفة، فمنها شرعي و منها واقعي غير جعلي.

و يمكن أن يقال- بعد التنزل عن المقام الأول- بالفرق بين الأصل الحكمي و الموضوعي، و إن لم يكن هناك ترتب، لا واقعاً و لا جعلًا، لأن جعل الوجوب عين جعل الطلب، فلا يبقى شك في بقاء الطلب بعد التعبد بفرده، و هو جعل الوجوب حقيقة، كما أنّ جعل عدم الوجوب عين جعل عدم الطلب بعد فرض كون الشك في الطلب ناشئاً من الشك في الوجوب، كما هو مقتضى التنزل عن المقام الأول.

فملاك الأصل السببي و المسببي موجود هنا بوجه أكمل، إذ ليس ملاكه إلّا كون التعبد بالسبب يرفع الشك عن المسبب شرعاً، و التعبد بالوجوب يرفع الشك عن بقاء الطلب.

كما أنّ التعبد بعدم الوجوب يرفع الشك عن ارتفاع الطلب، ففي الأول لا شك في بقاء الطلب، و في الثاني لا شك في ارتفاعه.

و أما في الأصل الموضوعي، فلا يجري هذا البيان، إذ ليس التعبد- بالموضوع أو بعدمه- جعلًا له حقيقة، حتى يكون وجود الكلي أو عدمه مجعولًا بعين جعله، و ليس أثر الجامع، و أثر الفرد كالكلي بالإضافة إلى فرده، حتى يكون جعل أثر الفرد جعل طبيعي الأثر المجعول، ليرتفع الشك عنه. بل لا بد من فرض الترتب بين طبيعي الموضوع و فرده شرعاً حتى يدخل في عنوان الأصل السببي و المسببي.

و منه يعلم أنّ العينية بين الطبيعي و فرده، و عدم العلية، و إن كانت مخرجة لما نحن فيه، عن عنوان السببي و المسببي، لكنها توجب الدخول في ملاكه في خصوص الاستصحاب الحكمي دون الموضوعي.

و أما المقام الثالث- فنقول: إن الكلام- تارة- في معارضة الأصلين بالنسبة إلى أثر الجامع- و أُخرى- بالنسبة إلى أثر الفرد بما هو.

أما المعارضة بينهما- من الجهة الثانية- فمبنية على وجود أثر خاص لكل‏ منهما و عدمه؟ فيتعارضان- على الأول- لمنافاتهما، للقطع بثبوت أحد الأثرين.

و لا معارضة- على الثاني- لعدم المانع من التعبد بمفاد الأصل.

و أما المعارضة بينهما- من الجهة الأولى- فحيث أنّ فرض الكلام في استصحاب الكلي، و في حكومة الأصل في الفرد- على الأصل في الكلي- فلا محالة يكون للجامع أثر شرعي، و نسبة كلا الأصلين في نفي الجامع على حد سواء، و مقتضى التعبد بهما- على الفرض- التعبد بعدم الجامع، مع أنّ ثبوته مقطوع به.

ففيما إذا تردد أمر الحادث بين أن يكون- بولًا أو منياً- يكون للجامع بينهما أثر و هو حرمة مس المصحف، و لكل منهما أثر مخصوص، و هو وجوب الغسل للحدث الأكبر، و وجوب الوضوء للحدث الأصغر، و لخصوص الحدث الأكبر أثر مخصوص لا يقابله فيه الأصغر، و هو حرمة اللبث في المسجد.

فأصالة عدم الجنابة- بالنسبة إلى عدم حرمة اللبث- لا معارض لها. و بالنسبة- إلى عدم وجوب الغسل- لها معارض و هو أصل عدم خروج البول المقتضي لوجوب الوضوء، مع أنّ وجوب الغسل و الوضوء مقطوع به، و بالنسبة إلى عدم حرمة مس المصحف، و هو أثر الجامع بين الأكبر و الأصغر- أيضا- يتعارضان للقطع بالحدث المقتضي لحرمة مس المصحف.

فان قلت: الغرض- من عدم المعارضة بين الأصلين- هو عدم المعارضة في ظرف الشك في بقاء الكلي، و هو بعد حدوث ما يزيل أحد الفردين. و في هذا الفرض لا مجرى إلّا لأصل واحد.

قلت: أولا: إنه خلف، لأن المفروض تمامية أركان الاستصحاب في الطرفين.

و إنما لا يجري لعدم الأثر، مع أنه بعد حدوث ما يزيل أحد الفردين لا شك في عدمه فعلًا: إما لانعدامه قبلًا، أو لزواله فعلًا.

و ثانياً: مناط المعارضة حين تمامية أركان الاستصحاب، و عند وجود الحادث المردد، يكون عدم كل من الفردين في نفسه متيقناً سابقاً، مشكوكاً عند حدوث‏ الحادث.

و حيث لا يعقل شمول العام- مع تحقق موضوعه- لكلا الفردين، للعلم بانقلاب العدم إلى الوجود في أحدهما، و شموله- لأحدهما المعين- ترجيح بلا مرجح، فلا محالة يتساقط الأصلان، و بعد وجود ما يزيل أحد الفردين، لم يحدث فرد آخر للعام، حتى يشمله، و الساقط لا يعود.

و سيأتي إن شاء اللّه تعالى في محله، أنّ قيامه بالمقتضيات و موانعها العقلية- حتّى يتوهم تأثير المقتضي اثره بعد زوال مانعة- قياس باطل.

لأن تأثيره بلحاظ شمول المقتضي له في مقام الإثبات و ليس هو إلّا العام، فإذا لم يعمه العام- مع تمامية موضوعه- فلا مقتضى آخر لشموله فيما بعد، كما لا فرد آخر للعام، حتى يكون من الافراد المقدرة الوجود، الداخلة تحت العام بعنوان كلي من الأول.

و لعلنا نتكلم- إن شاء اللّه تعالى- فيه مستوفي في مسألة الأصل السببي و المسببي‏.

و أما ما عن بعض الأجلة- في حاشيته على كتاب البيع للشيخ الأجل: من فرض المثال فيما إذا دار أمر النجس الحادث بين أن يكون بولًا يوجب الغسل مرتين أو دماً لا يوجب الغسل مرتين، و أن الأصل في طرف البول بنفي وجوب الغسلة الثانية، و أن الأصل في طرف الدم لا يثبت وجوب الغسلة الثانية، فلا معارضة.

ففيه أولًا: أن المثال غير منحصر فيما ذكر، حتى يحكم كلياً بحكومة الأصل في الفرد، نظراً إلى عدم المعارضة.

و ثانياً- أن العدم الّذي يجري فيه الأصل:

تارة- يؤخذ بنحو العدم الرابط، و مفاد ليس الناقصة، بأن يكون مفاد الأصل:

عدم كون النجس الحادث، بولًا و حينئذٍ يكون مفاده عدم وجوب الغسلة الثانية، مع فرض النجاسة الموجبة لأصل الغسل، الّذي يساوق المرة إلّا ان العدم- الرابط- غير متيقن في السابق، كما هو واضح.

و أخرى- يؤخذ بنحو العدم المحمولي، و مفاد ليس التامة، و يكون مفاد الأصل عدم حدوث ما يوجب الغسل مرتين، و المعارضةُ- هنا- بلحاظ أثر الجامع و الخصوصية كليهما- متحققةٌ.

بيانه: أنّ أثر النجاسة- الجامعة بين جميع أنحاء النجاسات- وجوب الغسل اللابشرط، الجامع مع الغسل مرة، و مع الغسل مرتين أو أكثر. و نفي ما يوجب الغسل مرّة و ما يوجبه مرتين- مع دوران الأمر بينهما- يوجب نفي النجاسة المقتضية لأصل وجوب الغسل، مع أنه مقطوع به، هذا بالإضافة إلى أثر الجامع.

و أما بالنسبة إلى أثر كل من الخصوصيّتين، فأثر البول أنه لا يجوز الاكتفاء فيه بمرة، و أثر الدم أنه يجوز فيه الاكتفاء بمرة، و كل منهما مشكوك من حيث نفسه.

فأصالة عدم حدوث البول يقتضي التعبد بعدم ما لا يجوز الاكتفاء في غسلة بمرة، و أصالة عدم حدوث الدم يقتضي التعبد بعدم ما يجوز الاكتفاء فيه بمرة، مع القطع بوجود أحدهما.

و منه يعلم أنّ دعوى عدم المعارضة- من حيث تيقن الأقل فلا يجري فيه الأصل، و يختص الأصل بعدم موجب الأكثر.

مدفوعة: بأن أثر الدم ليس وجوب الغسل المجامع- مع جواز الاكتفاء، و عدم جواز الاكتفاء- فانه أثر الجامع، بل أثر الدم هو وجوب الغسل اللابشرط القسمي، المساوق لجواز الاكتفاء فيه بمرة، و هو مباين للغسل بشرط شي‏ء فانهما تعينان متقابلان ليس أحدهما متيقناً بالإضافة إلى الآخر.

نعم وجود الجامع متيقن، لا يجري فيه الأصل، إلّا أنّ جريان الأصلين في الفردين- بنحو العدم المحمولي- مناف للقطع بوجود الجامع أيضاً كما عرفت.

نهایة الدرایة، جلد ۳، صفحه ۱۶۶

برچسب ها: استصحاب

چاپ