وجه القربية في الطهارات (الدرس ۷۰)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الدرس ۷۰

ألفت شيخنا الأستاذ في درسه إلى أنّ المحقّق الإيروانيّ قد ذهب في مسألة استحقاق الثّواب والعقاب على الأمر الغيريّ إلى القول باستحقاق العقاب على المخالفة وعدم استحقاق الثّواب على الموافقة، وهو عكس قوله في الباب والّذي كان استغربه واستبعده جدًّا في الدّرس السّابق. لكنّ المحقّق المذكور جعل مناط ثبوت استحقاق العقاب على مخالفة الأمر النّفسيّ والغيريّ واحدًا، فكلاهما أمر مولويّ ومخالفة الأمر المولويّ قبيحة ومستدعية للعقاب على كلّ حال.

البحث في تصحيح عباديّة الطّهارات الثّلاث وإشكالها. والإشكال المعروف لا يرد على ما بنى عليه شيخنا الأستاذ من القول بعدم المحذور في التّقرّب بالأمر الغيريّ، والحاكم هو الوجدان العقليّ. ومتى أمكن التّقرّب بالمقدّمات بلا استحالة أمكن أن يرد دليل يشترط قصد القربة في امتثالها، فإن ثبت أخذنا به بلا حزازة.

وإنّما يتوجّه الإشكال على الشّيخ الآخوند ومن قال بمقالته، فهو رحمه الله قد نفى إمكان التّقرّب بالأمر الغيريّ رأسًا لأنّه لا يصلح ذاتًا للمقرّبيّة ولذلك لا يمكن ثبوت استحقاق الثّواب في مورد ما لا يُتقرّب به لأنّ استحقاق الثّواب على فعل فرع مقرّبيّة ذلك الفعل عند المولى، ونظيره الفعل المباح من حيث هو كذلك، حيث لا صلاحية فيه لأن يقرّب وهو مستوي النّسبة.

والصّحيح ما كان مرّ من أنّه يتمشّى من العبد التّقرّب بالأوامر الغيريّة لكونها ملابسات للأمر النّفسيّ، نعم الكلام كلّه في الاستحقاق على المقدّمات العقليّة والمعدّات التّكوينيّة على ما فصّلنا في الدّرس السّابق دون المقدّمات الشّرعيّة والأسباب التّوليديّة. إذ قصد التّقرّب في المقدّمات الشّرعيّة كقصد التّقرّب في الأجزاء يقع بلا أيّ محذور ويكون ممكنًا للمناط المذكور من وقوعه في امتداد الأمر النّفسيّ. وبالطّبع ليس قصد التّقرّب في امتثال الأمر الشّرطيّ والمقدّميّ الشّرعيّ لزوميًّا بحدّ نفسه لكنّه ممكن، كما في شرطيّة طهارة لباس المصلّي فإنّه يقع التّطهير والتلبّس بثوب طاهر بلا قصد تقرّب، ولكن لو قصد القربة أداء لملابسات الأمر النّفسيّ وانصياعًا للمولى لوقع التّقرّب بلا محذور.

ذكر الشّيخ الآخوند أنّه لا ثواب على موافقة الأمر الغيريّ كما أسلفنا وعلّل ذلك بعدم كون الأمر الغيريّ مقرّبًا. أي إنّ علّة استحقاق الثّواب مقرّبيّة الفعل، فإن لم تكن مقرّبيّة لم يكن ثواب، وإن لم يكن ثواب لم تكن مقرّبيّة، وهذا غير صحيح. إذ يمكن أن يكون الأمر مقرّبًا لكن لا يثبت الثّواب وهذا ما يفضي إليه الكلام المتقدّم. فقد نظّرنا لإمكان التّقرّب بالشّروط والمقدّمات مطلقًا، ثمّ فصّلنا في استحقاق الثّواب بحيث نفينا ثبوته في المقدّمات الشّرعيّة لكونها كالأجزاء من حيث تقيّد ماهيّة المأمور به بها. مثاله أمر المولى بالصّلاة عن وضوء، هنا يمكن التّقرّب بالوضوء ولكن لا يلزم أن يكون له ثواب مستقلّ استحقاقًا، نعم لو تفضّل المولى لا إشكال فإنّه جواد كريم. وذلك لأنّ الثّواب عليها هو عين الثّواب على المأمور به المأتي متقيّدًا بالطّهارة الوضوئيّة، إذ شرط المأمور به جزء المأمور به من هذه الحيثيّة. وعليه، القول بأنّه لا ثواب لأنّه من تبعات القربة غير صحيح، لأنّنا افترضنا قربة مع عدم استحقاق للثّواب، فالقول "ما لم تكن مقرّبيّة لا ثواب وما لم يكن ثواب لا مقرّبيّة" غلط. نعم إن ثبت استحقاق الثّواب ثبتت المقرّبيّة لكن إن لم يثبت استحقاق الثّواب فهذا ليس دليلًا على عدم إمكان التّقرّب؛ لأنّنا نقول لا ثواب مستقلّ في الأجزاء غير الثّواب على المركّب، لكن هذا ليس دليلًا على عدم إمكان التّقرّب. وكذا في الشّروط لا ثواب مستقلّ لها ولكن فيها إمكان التّقرّب. وتكون مقرّبيّة ذي المقدّمة حيثيّة تعليليّة لمقرّبيّة المقدّمة (مع الإغماض عن كون المقدّمة في مثال الوضوء هي الغسلتان والمسحتان أو الأثر المترتّب عليها، والحقّ أنّها الغسل والمسح أيًّا يكن الأثر المترتّب على ذلك).

ولا يقال نحتمل وجود ثواب هنا بلا مقرّبيّة، لأنّه لا معنى للإثابة إن لم يكن الفعل محبوبًا للمولى. وبالتّالي كلّما صرّح المولى بالثّواب اكتشفنا مقرّبيّة الفعل ولكن لا عكس، فلا يثبت عند كلّ مقرّب ثواب، نعم يمكن أن يثبت لكنّ ذلك ليس ضروريًّا. فقد يثبت الثّواب من باب استحقاق التّفضّل وقد يثبت كتفضّل محض من المولى على اختلاف المقامات. وهذا ما نراه جليًّا في بحث التّسامح في أدلّة السّنن عند  صاحب الكفاية حيث استفاد من جعل الثّواب الاستحباب النّفسيّ وكون الفعل ذا مقرّبيّة.

إلى هنا اتّضح جواب شيخنا الأستاذ وكذا جواب الشّيخ الآخوند الّذي جعل منشأ المقرّبيّة في الطّهارات الثّلاث هو الأمر النّفسيّ بها وكونها عبادة في ذاتها مقطوعًا النّظر عن مقدّميّتها. فانحفظت بهذا القاعدة الّتي سنّها القائلة بعدم استحقاق الثّواب على موافقة الأمر الغيريّ وعدم إمكان التّقرّب به. نعم تبقى مشكلة وهي ما ذكره المحقّق النّائينيّ من عدم معروفيّة القول باستحباب نفسيّ للتّيمّم في الفقه عندنا.

ثمّ ترقّى شيخنا الأستاذ في البيان، من أنّه ظهر ممّا أسلفنا أنّ مناط إمكان قصد التّقرّب بالمقدّمات ليس وقوعها متعلّقات للأوامر الغيريّة، بل لوقوعها في امتداد إطاعة الأمر النّفسيّ وكونها من ملابسات امتثال المراد المولويّز وبالتّالي، حتّى لو لم نقل بوجوب المقدّمة بحيث لا وجوب مولويّ لها من باب الملازمة بين وجوبها ووجوب ذيها الشّرعيّ، لأمكن التّقرّب بها لوقوعها توصّلًا بالحمل الشّائع للاتيان بالمراد المولويّ النّفسيّ. هذا الشّروع في الطّاعة يكفي في تحقّق القربة. إذا طلب المولى الكون على السّطح فبادر المكلّف إلى نصب السّلّم بحيث لو سئل عن غاية حركته لقال امتثالًا لمراد المولى في الكون على السّطح، لكفى ذلك في التّقرّب.

وقد فكّك شيخنا الأستاذ جوابه إلى جوابين: الأوّل هو القول بإمكان التّقرّب بالمقدّمة باعتبار الإضافة والثّاني هو ما قاله في الواجب المقيَّد، بحيث يكون امتثال المقدّمات الشّرعيّة في الحقيقة امتثالًا لما شُرطت به ماهيّة المأمور به فهو امتثال للواجب النّفسيّ. مثلًا الصّلاة مقيّدة بالطّهارة فالاتيان بالطّهارة اتيان بقيد الواجب وهو المقيّد. ونتيجة هذا الجواب الأخير هو أنّنا حتّى لو لم نذهب إلى إمكان التّقرّب بالمقدّمات التّكوينيّة، كيف يمكن أن لا نقول بذلك في المقدّمات الشّرعيّة؟ في حين أنّ قصد القربة في موردها ليس إلّا الاتيان بالواجب المقيَّد، فلولا أمر المولى بالمقيَّد لما أقدم العبد على الاتيان بهذا القيد. وبعبارة أخرى التّقرّب على هذا الجواب يقع بقصد أمر ذي المقدّمة من حيث إنّ العبد بصدد الاتيان بالتّقيّد الّذي أُخذ في المأمور به.

وبالمناسبة أشار شيخنا الأستاذ إلى إمكان استفادة الجواب الّذي جاد به من كلمات السّيّد البروجرديّ[1] وغيره من العلماء فضلًا عن السّيّد الخوئيّ[2].

بعد ذلك قدّم الشّيخ الآخوند ثلاثة أجوبة أخرى لحلّ الإشكال وجميعها مخرومة لا تتمّ عنده:

الجواب الأوّل[3]: وهو جواب منقول عن الشّيخ الأعظم في مطارح الأنظار ومفاده: ما ترونه من اشتراط قصد القربة في الطّهارات الثّلاث ومن أنّ التّقرّب ممكن ليس من باب الأمر النّفسيّ الّذي ذهب إليه الشّيخ الآخوند بل في الحقيقة الصّلاة مشروطة بالوضوء والوضوء المطلوب ليس صرف الأفعال الخارجيّة بل المقدّمة  الواقعيّة هي الأفعال الخارجيّة مع كامل خصوصيّاتها، وبتماميّتها معًا يتحقّق ما هو مقدّمة للصّلاة.[4]

قصد القربة ليست شرطًا في الوضوء لعدم إمكان ذلك في الأمر الغيريّ لكن قصد القربة ملازم لخصوصيّاتٍ ما لا نعلمها تفصيلًا، بضمّها إلى الأفعال الخارجيّة تتحقّق المقدّمة المطلوبة للصّلاة بالحمل الشّائع أي بها يتحقّق واقع المقدّمة المركّبة من الأفعال الخارجيّة والخصوصيّات الّتي لا سبيل إلى الوصول إليها إلّا من خلال قصد القربة.

ويكون التّنظير له على الشّكل التّالي:

إذا أقدم المكلّف ظهرًا على الاتيان بصلاة من أربع ركعات ثمّ صلّى بعدها أربع ركعات أخرى فهل إذا انتهى أسقط عن عهدته ثماني ركعات صلاتي الظّهر والعصر؟ لا، بل يجب عليه الإعادة، لأنّ الواجب هي أربع ركعات بعنوان الظّهر وبالأصالة عن نفسه لا نيابة وأداء لا قضاء، وإلّا لم ينفع ما جاء به، فلا امتثال بأربع ركعات مردّدة بين كونها ظهرًا أو عصرًا وبين كونها أصالة أو نيابة وبين كونها أداء أو قضاء، إذ المردّد لا واقع له ولا حقيقة. وإنّما الواجب هي صلاة بعنوانها ومعيّناتها ومشخّصاتها لا كيفما كان، ومن دون هذه القصود لا تعيّن بل تردّد، فلا امتثال رأسًا.

الأمر عينه يجري في الوضوء. المقدّمة ليست صرف الغسلتين والمسحتين بل هي مع تعيّنها بخصوصيّاتها الّتي لا تتأتّى إلّا عن طريق قصد القربة بحيث لولاه بقيت بلا تعيّن ولم يحصل امتثال.

كلّما كان على عهدة المكلّف واجبات متعيّنة كان لزامًا عليه أن يأتي بها متعيّنة لا بلا خصوصيّاتها وتعيّناتها.

إذا جعل المولى على عهدة المكلّف في اليوم الواحد صلاة الظّهر وصلاة العصر، الظّهر المتعيّن والعصر المتعيّن، فإذا أراد الامتثال لا بدّ أن يعيّن وأن يقصد تعيّناته وأيّهما يمتثل بالفعل في آنه، لأنّ كلًّا منهما له أثره المختلف الّذي يترتّب عليه.

هذا باب مهمّ في الفقه وهو باب قصد المتعيّن. ومنه ما لو كان على ذمّة المكلّف قضاء صوم يومين من شهر رمضان لعام واحد، لم يكن واجبًا على المكلّف تعيين أيّهما عند الامتثال لأنّهما رأسًا لم يتعيّنا بتعيّنات تؤثّر آثارًا مختلفة والتّعيين فرع التّعيّن. أمّا لو كان أحدهما لهذا العام والآخر للعام المنصرم، وجب عليه أن يعيّن ما يؤدّيه لأيّ اليومين من العامين هو، لأنّه على الأوّل تترتّب كفّارة التأخير وعلى الثّاني إن لم يتأخّر فلا وإن تأخّر فنعم، هذه آثار تترتّب على كلٍّ منهما من حيث تعيّنه.

إذا عرفت ذلك: فالوضوء المطلوب متعيّن ولا يتحقّق بالأفعال الخارجيّة الصّرفة عن التّعيّنات، ويجب على المكلّف امتثال المتعيّن، وليس قصد القربة جزءًا من تعيّناته ولا من شروطه لكنّه معيِّن للمطلوب ومشخّص لخصوصيّاته، فليس قصد القربة بلازم إلّا من باب أنّ المقدّمة المطلوبة لا يتأتّى امتثالها متعيّنة إلّا بقصد القربة.

 

[1]  أنظر: لمحات الأصول،ص147:"...أنّ اتيان المقدّمات... إذا كان لأجل الاتيان بذي المقدّمة يوجب استحقاق المثوبة فإنّ العقل لا يفرّق بين الاتيان بالواجب النّفسيّ وبين الاتيان بالواجب الغيريّ لأجل إطاعة المولى لا للشّهوات، فإذا كان الباعث للعبد نحو المقدّمة إطاعة أمر ذي المقدّمة ولا داعي له إلّا الامتثال فيستحقّ المثوبة على القول بالاستحقاق فإنّه تحمّل المشقّة له تعالى، والعقل يجد الفرق بين من يتحمّل المشقّة باتيان مقدّمات كثيرة للواجب النّفسيّ ومات قبل اتيانه وبين من لم يتحمّلها، فالاستحقاق إنّما هو لأجل إطاعة الواجب النّفسيّ وإن كان على مقدّماته".

[2]  أنظر: الدّراسات،ج1،ص320:"ولكنّ الصّحيح هو التّفصيل بين ترتّب الثّواب على امتثال الوجوب الغيريّ وترتّب العقاب على عصيانه والقول بترتّب الأوّل دون الثّاني وذلك لأنّ العقاب إنّما يترتّب على عصيان الوجوب النّفسيّ سواء أتى بمقدّماته كلًّا أو بعضًا أو لم يأت، كما أنّه لو فرضنا أنّ المكلّف امتثل التّكليف النّفسيّ من دون الاتيان بمقدّماته لا يكون مستحقًّا للعقاب أصلًا. وهذا بخلاف استحقاق الثّواب على إطاعته، فإنّ الواجب الغيريّ لكونه واقعًا في طريق الاتيان بالواجب النّفسيّ يمكن إضافته إلى المولى، فالاتيان به بداعي طريقيّته لما هو واجب نفسيًّا وليس كالمباحات الصّرفة الّتي لا تكون قابلة للإضافة إلى المولى... وبما ذكرنا ظهر أنّ الثّواب يترتّب على الاتيان بمقدّمة الواجب بداعي وقوعه في طريق اتيان الواجب النّفسيّ سواء قلنا بوجوب المقدّمة شرعًا أم لم نقل به، كما هو الصّحيح على ما نبيّنه إنشاء الله. لما عرفت ن أنّ ترتّب الثّواب على امتثاله ليس من جهة قصد أمره الغيريّ".

[3]  بيان إضافيّ: المقدّمة في واقعها في مثل الوضوء ليست خصوص هذه الحركات من الغسل والمسح وفقط، بل المقدّمة هي هذه الحركات والغسلات والمسحات بما هي متعنونة في واقعها بعنوان خاصّ إضافة إلى عنوان كونها غسلًا ومسحًا، وذاك العنوان الآخر الواقعيّ هو عنوان قصديّ لا يتحقّق بمجرّد القصد إلى ذات الحركات بل لا بدّ من اقتران قصد الغسل والمسح بقصد ذلك العنوان بنفسه. لكن هذا العنوان القصديّ الواقعيّ مجهول لنا ولا نعرفه على وجه التّفصيل بحسب الفرض بل فقط نعرفه إجمالًا. وإذا كان الأمر كذلك فلا سبيل لنا إلى قصد ذاك العنوان بحدّه وتفصيله كما نفعل في قصدنا لعنوان الغسل والمسح. من هنا فإنّ الطّريق لتحصيل ما هو المقدّمة وهي الحركات من غسل ومسح المتعنونة بذلك العنوان الخاصّ القصديّ، منحصر بالاتيان بتلك الحركات بقصد أمرها الغيريّ على ما تعلّق به في الواقع وهو في الفرض قد تعلّق بالحركات المتعنونة بالعنوان الخاصّ القصديّ، فلمّا كان العنوان مجهولًا كان قصد الأمر الغيريّ من حيث هو متعلّق بواقع المقدّمة المطلوبة وبما هو المتعنون بالعنوان الخاصّ، قصدًا ضمنيًّا إجماليًّا إلى ذلك العنوان فيتحقّق بذلك ما هو المقدّمة.

أما عباديّتها فلا يمكن أن تتحقّق من خلال الأمر الغيريّ كما هو الفرض لعدم صلاحيته لأنّه توصّليّ، لكن قصد امتثال الأمر الغيريّ يحقّق العباديّة من حيث إنّه قصد إلى ذاك العنوان الخاصّ الّذي تتعنون به الحركات فتتمّ المقدّمة. أي إنّ الوصول إلى المقدّمة المطلوبة من الشّارع لا يتأتّى إلّا من خلال الإشارة إلى واقعها بواسطة الأمر المتعلّق بها فيُقصد الأمر طلبًا لمتعلّقه غير معلوم العنوان التّفصيليّ الدّخيل في المقدّميّة المطلوبة، وقصد الأمر يعني قصد الامتثال وهذا يعني قصد الطّاعة فقد توصّل من قصد طاعة الأمر الغيريّ وامتثاله إلى تحقيق المقدّمة بالحمل الشّائع. وإن شئت قل: إنّ المكلّف متى قصد امتثال الأمر الغيريّ فقد جعله غاية لفعله وكاشفًا عن داعي اتيانه وأدائه، وجعل امتثال الأمر أيّ أمر غاية لعمل العبد هو من أرفع درجات القربة والتّسليم والانصياع (المقرّر).

[4]  أنظر الكفاية،ج1،ص158:"ما ملخّصه:أنّ الحركات الخاصّة ربّما لا تكون محصّلة لما هو المقصود منها من العنوان الّذي يكون بذاك العنوان مقدّمة وموقوفًا عليها، فلا بدّ من اتيانها بذاك العنوان من قصد أمرها، لكونه لا يدعو إلا إلى ما هو الموقوف عليه فيكون عنوانًا إجماليًّا ومرآة لها، فإتيان الطّهارات عبادة وإطاعة لأمرها ليس لأجل أنّ أمرها المقدّميّ يقضي بالاتيان بها كذلك، بل إنّما كان لأجل إحراز نفس العنوان الّذي تكون [أي الطّهارات] بذاك العنوان موقوفًا عليها".

برچسب ها: قصد قربت, وجوب غیری, واجب غیری, عبادیت طهارات ثلاث, قصد قربت در اوامر غیری

چاپ

 نقل مطالب فقط با ذکر منبع مجاز است