المقدمة الموصلة (الدرس ۸۰)

بسم الله الرّحمن الرّحيم

قدّم صاحب الفصول ثلاثة وجوه لإثبات دعواه من اشتراط المقدّمة بالموصلة، وقد حكاها عنه الشّيخ الآخوند في الكفاية متصدّيًا لردّها جميعًا، وبعد ذلك ذكر وجهًا رابعًا لم ينسبه إلى أحد وردّه أيضًا.

نلفت إلى أنّ صاحب الفصول إنّما تقوم مقالته على إرجاع الشّرط إلى المقدّمة لا إلى الوجوب. فمدّعاه أنّ الإيصال والتّرتّب هو شرط الواجب أي شرط صحّته بحيث يبقى الوجوب على فعليّته أوصلت أم لم توصل المقدّمة. فلا ربط لشرط الإيصال بالوجوب بل شرط الإيصال شرط لصحّة الامتثال، بحيث به يحصل ومن دونه لا يتأتّى الواجب من المكلّف. تمامًا كما أنّ وجوب ذي المقدّمة فعليّ وثابت أتى به المكلّف أم لم يأتِ. وهذا كما كنّا أشرنا في مقابل مقالة صاحب المعالم الّذي ذهب إلى اشتراط الوجوب على ما تقدّم.

الوجه الأوّل:[1] لا موجب للقول بوجوب المقدّمة بما زاد عن المقدّمة الموصلة، فإنّ هذا هو مقتضى الملازمة. وتوسيع دائرة متعلّق الوجوب ليشمل ما زاد عليها يحتاج إلى دليل سواء على مستوى الثّبوت أو على مستوى الإثبات، والحال أنّ البحث ليس لفظيًّا ليكون إثبات القيد على عهدة مدّعيه بل هذا مقام حكم العقل وهو دليل لبّيّ وله قدره المتيقّن الّذي لا خلاف فيه وهو ما لو أوصلت المقدّمة إلى ذيها، ومن يريد أن يوسّع حكمه ليشمل كلّ مقدّمة بالوجوب أوصلت أم لم توصل، عليه أن يأتي بدليل، فنقل الكلام بهذا إلى ساحة صاحب الكفاية. ومحصّل الوجه أنّ ثبوت مطلوبيّة ما هو أزيد من الموصلة لا مقتضي له بحسب دليل الملازمة الّتي أثبتت هذا وبقي الأزيد بلا دليل.

وأجاب الشّيخ الآخوند عن ذلك: بأنّ العقل حاكم بالوجوب في الأزيد من الموصلة أي في مطلق المقدّمة، لأنّه يحكم بملاك اللّابدّيّة والتّمكّن لا التّرتّب كما ادّعى صاحب الفصول. فالواجب عند العقل هو ما لا بدّ منه لتحقّق ذي المقدّمة بحيث لا يتمكّن المكلّف من الاتيان بذيها لولاها، وبالتّالي الواجب هو ما يوجب التّمكّن ولا دخل للتّرتّب في تحقيق التّمكّن، فترتّب أم لم يترتّب ذو المقدّمة التّمكّن حاصل بذات المقدّمة.[2]

وناقش شيخنا الأستاذ جواب الشّيخ الآخوند بما مفاده: هنا دعويان إحداهما أنّ الملاك هو التمكّن والثّانيّة أنّ الملاك هو التّرتّب. وقد كان تقدّم أنّ الملاك هو التّمكّن لكن لا مانع ولا محذور من أن يقيّد المولى ذلك التّمكّن بحصّة خاصّة متوئمة لحصول ذي المقدّمة ومنتهيّة إليه وهذا يلتقي نتيجةً مع مدّعى صاحب الفصول وهو القدر المتيقّن في المقام، فما زاد وهو مدّعى صاحب الكفاية يحتاج إلى دليل وإثبات.                                            ومجرّد كون الملاك هو التّمكّن لا ينتج وجوب مطلق المقدّمة إذ ما زال لنا أن نسأل هل التّمكّن القريب على إطلاقه هو الملاك أم أنّه التمّكن القريب الخاصّ الموسوم بانتهائه بتحقّق ذي المقدّمة؟ وما لم يُجِب المستدلّ عن هذا السّؤال فإنّه لا يُثبت الملاك المفروض المدّعى من وجوب مطلق المقدّمة.   ومراجعة أدلّة الإثبات تُظهر دعمها قول صاحب الفصول مثل "لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا بطيبة نفسه" بحيث لولا المقدّميّة لكان العبور في أرض الغير بلا إذن منه حرامًا، ويخرج عن الحرمة بعروض عنوان المقدّميّة عليه، لكن ما الموجب لخروج هذا العبور عن الحرمة مطلقًا أوصل أم لم يوصل؟ ولِمَ لا نقتصر على حال الإيصال؟ والسّرّ في المسألة الّذي به تفتح الأقفال المغلقة أنّه لا بدّ من أن نفكّك بين حصول الغرض والاتّصاف بالمصداقيّة للواجب، تمامًا كما فعل الشّيخ الآخوند نفسه في المقدّمة المحرّمة غير المنحصرة. فالحقّ أنّ ما جعله منشأ للمانعيّة عن اتّصاف المقدّمة غير المنحصرة بالوجوب هو بنفسه مانع عن اتّصاف المقدّمة غير الموصلة بالوجوب، أي إنّ التّفكيك المتصوّر هناك بين الغرض والاتّصاف بكونه مصداق الواجب هو بنفسه متصوَّر هنا. فبأيّ وجه يكون الغرض موجبًا للاتّصاف؟ فلتكن الحرمة المانعة عن الاتّصاف في فرض عدم الانحصار هي بنفسها مانعة عن الاتّصاف في فرض الانحصار ما لم يترتّب ذو المقدّمة، إذ لا موجب لرفع اليد عن الحرمة مطلقًا والقول بوجوب العبور في الأرض المغصوبة مقدّمةً وبعدم حرمته أوصل أم لم يوصل.

الوجه الثّاني:[3] لا مانع من أن يصرّح الآمر الحكيم في فرض وجوب شيء بإرادته لخصوص المقدّمة الموصلة فقط وأن ينفي إرادته للمقدّمة غير الموصلة. كما لو قال المولى إنّما أريد من الدّخول في أرض الغير الواقع مقدّمة لإنجاء النّفس المحترمة الحصّة الخاصّة المنتهية بالإنجاء دون تعلّق إرادة ولا مطلوبيّة بالدّخول الّذي لا ينتهي بالإنجاء. لكن في المقابل، لا يمكن بحكم العقل أن لا يريد المولى المقدّمة الموصلة المنتهية بذيها لأنّه خلف كونه مريدًا لذي المقدّمة رأسًا، فيقبح عقلًا تصريحه بعدم إرادة الموصلة، ومعطوفًا على هذا لا يمكنه أن يصرّح بعدم إرادته للمقدّمة مطلقًا، بحيث يريد الشيء ولا يريد مقدّمته بما يشمل الموصلة، فهذا قبيح عقلًا أيضًا.

إذا تبيّن هذا: علمت أنّ الملازمة إنّما قامت بين وجوب ذي المقدّمة ووجوب المقدّمة الموصلة بحيث يقبح فكّها ولو من قِبل المولى، وعلمتَ أنّ الانفكاك ممكن في مورد المقدّمة غير الموصلة، فيريد ذاها ولا يريدها، وهذا ليس إلّا معنى عدم الملازمة، بهذا البيان خرجت المقدّمة غير الموصلة عن كونه طرفًا للملازمة. وبعبارة أخرى: لا يصحّ أن يصرّح الحكيم وهو متلبّس بالحكمة بخلاف الملازمة العقليّة فإذا كانت الملازمة شاملة للمقدّمة غير الموصلة لم يكن جائزًا له عقلًا أن يصرّح بعدم إرادتها، لكنّنا لا نرتاب في إمكان تصريحه بعدم إرادة غير الموصلة، كما أنّنا لا نرتاب في امتناع تصريحه بعدم إرادة الموصلة. فالواجب بمقتضى الملازمة هو خصوص الموصلة لا الأعمّ.

وأجاب الشّيخ الآخوند بما مفاده: إنّ دعوى عدم وجود مانع من تصريح المولى الحكيم بحرمة المقدّمة غير الموصلة باطلة، بل نمنع عن إمكان مثل هكذا تصريح لأنّ العقل حكم بوجوب المقدّمة بملاك التمكّن الثّابت في مطلق المقدّمة، بحيث لو حكم بملاك أخصّ كما ادّعى صاحب الفصول لقبلنا، لكن والحال أنّ العقل حكم طبق هذا الملاك الواسع الشّامل لمطلق المقدّمة، فيقبح هكذا تصريح كما يقبح التّصريح بعدم إرادة الموصلة. وعلى هذا، فإنّ المقدّمة ولو لم توصل محصّلة لغرض المولى من المقدّمة من حيث هي، والذّهاب إلى إمكان عدم إرادتها مجازفة في القول بعد أن بان الملاك العقليّ. فالمقدّمة إمّا أن تكون مباحة لولا المقدّميّة فلا مانع يمنع اتّصافها بالوجوب، وإمّا أن تكون محرّمة لولاها لكنّه قدّم الأهمّ لتزاحم ملاك الأهمّ والمهمّ وانتفت الحرمة وعادت بلا مانع يمنع من اتّصافها بالوجوب.[4]

ثمّ يقدّم الشّيخ الآخوند تحليلًا للدّاعي وراء ما انتهى إليه صاحب الفصول، وهو أنّ قوله بجواز تصريح المولى بعدم إرادة المقدّمة غير الموصلة هو تعبير عن أنّه بالاتيان بالمقدّمة غير الموصلة لا يتحقّق الغرض الأصيل للمولى وهو غرض ذي المقدّمة لا أنّه لا يتحقّق الغرض التّبعيّ كذلك حتّى ينفهم من هذا التّصريح لو كان أنّ المقدّمة غير الموصلة غير مرادة. فما هو قائم في ارتكاز هذا المحقّق صحيح على هذا التّأويل، غاية الأمر أنّه لا يُنتج ما أراد من جواز التّصريح بعدم إرادة غير الموصلة. بعبارة أخرى: نسلّم أنّ الغرض الأصليّ لا يحصل من ذات المقدّمة غير الموصلة لكنّ ذلك لا يؤدّي إلى جواز أن لا يريد غير الموصلة، إذ فيها ملاكها التّبعيّ وإن خلت عن الملاك الأصليّ، بل لا شيء من المقدّمات أوصلت أم لم توصل فيه الغرض الأصليّ المطلوب للمولى، وكلّ ما فيها جميعًا هي ترشّحات وتبعات مطلوبيّة شيء آخر هو ذو المقدّمة. وينبغي أن يكون قوله بما قال تعبيرًا عن أنّه ما لم يحصل الغرض الأصليّ كأنّ كلّ ما حصل سواه لا قيمة له في حسابات المطلوبيّة الحقّة مع أنّه قد حصل الغرض التّبعيّ بلا كلام بمقتضى حكم العقل وملاكه.

فإن قلت: لِم التّأويل؟ لعلّه يريد أنّ المطلوب المقدّميّ كذلك لم يحصل ولا يريد قصر عدم الحصول على المطلوب الأصليّ، فيريد أنّ عدم تحقّق ذي المقدّمة مؤثّر في عدم حصول المطلوب مطلقًا الأصليّ وكذا التّبعيّ المقدّميّ.

قلت: هذا يقال حيث لا نعلم ما هو ملاك حكم العقل، أمّا حيث نعلم الملاك لا بدّ أن نقول بحصوله حيث وجدنا ذلك، وهو حاصل حيث حصلت ذات المقدّمة بحيث يترتّب غرضها المقدّميّ ولا يتخلّف حال عدم تحقّق ذيها إلّا الغرض الأصليّ لا كلاهما. فالحقّ أنّ تأوّلنا ضروريّ لبيان أيّ شيء هو الّذي لم يحصل من المطلوب حال كون المقدّمة غير منتهية بذيها. وبالخلاصة: إنّ الملاك هو التّمكّن وهو حاصل في الموصلة وفي غيرها، فلا معنى للقول بجواز التّصريح عقلًا بعدم إرادة غير الموصلة إلّا بمعنى أنّه في موردها لا يترتّب الغرض الأصليّ دون غرضها المقدّميّ.[5]

جواب شيخنا الأستاذ: إنّ لبّ جواب الشّيخ الآخوند هو ادّعاؤه بأنّ الملاك هو التّمكّن وهو تكرار لما ذكره سابقًا، فابتنى هذا الوجه أيضًا من ردّ قول صاحب الفصول على القول بأنّ ملاك المقدّميّة هو التّمكّن حصل ذوها أم لم يحصل، فالرّدّ عليه هو الرّدّ السّابق. وما ذكره صاحب الفصول في الحقيقة منبّه على جواز هكذا تصريح من الآمر الحكيم وأنّ قوله لا أريد المقدّمة غير الموصلة لا ينطوي على أيّ جهة قبح. والحقّ مع صاحب الفصول بل نترقّى لنقول لا بدّ أن يقول المولى إنّ المقدّمة غير الموصلة المحرّمة تبقى على حرمتها لعدم إيصالها، أي يريد عدمها، لا أنّه فقط لا يريدها.

الوجه الثّالث:[6] إنّ وجوب المقدّمة هو لأجل التّوصّل لذي المقدّمة وهذا مقبول عند الجميع وبهذا الملاك كان وجوبًا غيريًّا لا نفسيًّا. ومع كون الفعل مقصور المطلوبيّة على التّوصّل لآخر بحيث لولا ذلك لما طُلب رأسًا، فإنّ  العقل يحكم صريحًا بأنّ ما يكون مصداقًا للمطلوب هو ما يكون معه توصّل لا غير، وبالتّالي مع عدم التّوصّل يُحكم بأنّه ليس مصداقًا للواجب. الوجدان قاضٍ بأنّه متى كانت المطلوبيّة لأجل التّوصّل انتفت حيث لا توصّل. ويكون الفرق بين هذا الوجه والوجه الأوّل أنّه هنا قال بأنّ ما حكم به العقل هو هذا وفقط فنفى الزّيادة في حكمه فهو بشرط لا عنها. فيما هناك قال بأنّ ما ثبت من الملازمة هو المقدّمة الموصلة والأزيد لم يثبت ولا يكشف عنه العقل فبقي بلا دليل وبالتّالي هو لا بشرط عن الزّيادة غير الثّابتة.         يأتي جواب الشّيخ الآخوند على هذا الوجه.

 

[1]  أنظر الكفاية،ج1،ص165:"والّذي يدلّك على هذا _يعني الاشتراط بالتّوصّل_ أنّ وجوب المقدّمة لمّا كان من باب الملازمة العقليّة فالعقل لا يدلّ عليه زائدًا على القدر المذكور".

[2]  المصدر نفسه،ص166:"وقد عرفت بما لا مزيد عليه: أنّ العقل الحاكم بالملازمة دلّ على وجوب مطلق المقدّمة لا خصوص ما إذا ترتّب عليها الواجب، في ما لم يكن هناك مانع عن وجوبه _كما إذا كان بعض مصاديقه محكومًا فعلًا بالحرمة_ لثبوت مناط الوجوب حينئذٍ في مطلقها وعدم اختصاصه بالمقيّد بذلك منها".

[3]  المصدر نفسه:"وأيضًا لا يأبى العقل أن يقول الآمر الحكيم:أريد الحجّ وأريد المسير الّذي يتوصّل به إلى فعل الواجب دون ما لم يتوصّل به إليه بل الضّرورة قاضية بجواز تصريح الآمر بمثل ذلك كما أنّها قاضية بقبح التّصريح بعدم مطلوبيّتها له مطلقًا أو على تقدير التّوصّل بها إليه، وذلك آية عدم الملازمة بين وجوبه ووجوب مقدّماته على تقدير عدم التّوصّل بها إليه".

[4]  المصدر نفسه:"وقد انقدح منه: أنّه ليس للآمر الحكيم غير المجازف بالقول ذلك التّصريح، وأنّ دعوى أنّ الضّرورة قاضية بجوازه مجازفة. كيف يكون ذا مع ثبوت الملاك في الصّورتين بلا تفاوت أصلًا؟ كما عرفت".

[5]  المصدر نفسه،167-168:"نعم إنّما يكون التّفاوت بينهما في حصول المطلوب النّفسيّ في إحداهما وعدم حصوله في الأخرى من دون دخل لها في ذلك أصلًا، بل كان بحسن اختيار المكلّف وسوء اختياره، وجاز للآمر أن يصرّح بحصول هذا المطلوب في إحداهما وعدم حصوله في الأخرى. بل وحيث إنّ الملحوظ بالذّات هو هذا المطلوب وإنّما كان الواجب الغيريّ ملحوظًا إجمالًا بتبعه كما يأتي أنّ وجوب المقدّمة على الملازمة تبعيّ جاز في صورة عدم حصول المطلوب النّفسيّ التّصريح بعدم حصول المطلوب أصلًا؛ لعدم الالتفات إلى ما حصل من المقدّمة فضلًا عن كونها مطلوبة، كما جاز التّصريح بحصول الغيريّ مع عدم فائدته لو التفت إليها، كما لا يخفى، فافهم.

إن قلت: لعلّ التّفاوت بينهما في صحّة اتّصاف إحداهما بعنوان الموصليّة دون الأخرى أوجب التّفاوت بينهما في المطلوبيّة وعدمها وجواز التّصريح بهما وإن لم يكن بينهما تفاوت في الأثر كما مرّ.

قلت:إنّما يوجب ذلك تفاوتًا فيهما لو كان ذلك لاجل تفاوت في ناحية المقدّمة، لا في ما إذا لم يكن تفاوت في ناحيتها أصلًا، كما هاهنا؛ ضرورة أنّ الموصليّة إنّما تنتزع من وجود الواجب وترتّبه عليها من دون اختلاف في ناحيتها وكونها في كلتا الصّورتين على نحو واحد وخصوصيّة واحدة؛ ضرورة أنّ الاتيان بالواجب بعد الاتيان بها بالاختيار تارة وعدم الاتيان كذلك أخرى لا يوجب تفاوتًا فيها كما لا يخفى".

[6]  المصدر نفسه،166:"وأيضًا حيث إنّ المطلوب بالمقدّمة مجرّد التّوصّل بها إلى الواجب وحصوله فلا جرم يكون التّوصّل بها إليه وحصوله معتبرًا في مطلوبيّتها فلا تكون مطلوبة إذا انفكّت عنه، وصريح الوجدان قاضٍ بأنّ من يريد شيئًا لمجردّ حصول شيء آخر لا يريده إذا وقع مجرّدًا عنه، ويلزم منه أن يكون وقوعه على وجه المطلوب منوطًا بحصوله".

برچسب ها: المقدمة الموصلة

چاپ

 نقل مطالب فقط با ذکر منبع مجاز است