الترتب (۲۰ ربیع الاول ۱۴۴۴)

كان الكلام في بيان مسلك المحقّق العراقيّ الّذي ينتج نتيجة التّرتّب لكن من دون طوليّة التّرتّب واشتراطه سواء في المتساويين أو في الأهمّ والمهمّ. فما طرحه يرجع إلى أمرين عرضيّين عمدته ما بيّنه من وجوب تامّ ووجوب ناقص بحيث يكونان ناقصين في المتساويين ويكون أحدهما تامًّا والآخر ناقصًا في الأهمّ والمهمّ.

أحد مجالات جريان كلامه: بناءً على امتناع اجتماع الأمر والنّهي في مثل صلّ ولا تغصب، قال الفقهاء بأنّه إذا صلّى المكلّف في الغصب جهلًا صحّت صلاته. ثمّ لو قابلنا بين هذا وبين ما لو صلّى المكلّف في النّجاسة جهلًا فنرى أنّهم حكموا بالبطلان. ومع أنّ كلًّا منهما يرجع إلى شرط من شروط الصّلاة أحدهما شرط الإباحة والآخر شرط الطّهارة لكنّ الفرق بينهما هو انّ شرطيّة الطّهارة ناشئة عن تقييد الأمر بنصّ خاصّ فيما شرطيّة الإباحة غير ناشئة عن نصّ شرط الصّلاة بالكون في المباح بل ناشئة عن عموم النّهي عن الغصب. وهذا يعني أنّ المولى لم يقل لا تصلّ في المغصوب لكنّه لم يأمر بالصّلاة في المغصوب فهي صلاة بلا أمر وهذا على خلافه في الطّهارة حيث قال صلّ متطهّرًا أي ولا تصلّ في النّجاسة. ولذل يقول الشّيخ الآخوند إنّ الصّلاة في الغصب هي ذات ملاك وإن كانت غير ذات أمر ويصحّحها على أساس الملاك مع أنّه هو نفسه يحكم ببطلان الصّلاة في النّجاسة بلا مصحّح.

المحقّق العراقيّ بصدد أن يقول إنّ المولى لم يقل لا تصلّ عند إزالة النّجاسة أو حال وجود النّجاسة في المسجد لا بقيد متّصل ولا منفصل (على أنّه لا فرق بين المتّصل والمنفصل في شرط الوجوب والواجب)؛ مع أنّه كان بإمكانه أن يقول لكنّه لم يشرط الوجوب ولا الواجب أي لا الطّلب ولا المطلوبيّة لكنّه لم يأمر بالصّلاة حال نجاسة المسجد أي لم يأمر بسدّ عدم الصّلاة عند إزالة النّجاسة وأمر بسدّ أبواب عدم الإزالة من كلّ جهة أتت ولو من جهة وجود الصّلاة.

وكلامه على مرحلتين: الأولى في بيان معقوليّة طرحه والثّانية في تقديمه على غيره وكونه المتعيّن.

ثمّ هذا ليس تقييدًا بل هو تخصيص في سدّ أبواب العدم؛ فمعنى أزل أن سُدّ جميع أبواب عدم الإزالة وكذا العدم المقترن بوجود الصّلاة، وهذا ليس نهيًا عن الصّلاة ولذلك كان الأمر بالشّيء لا يقتضي النّهي عن ضدّه الخاصّ.

دقّق: الشّارع لم يقل إنّ الصّلاة مبغوضة بل قال إنّ عدم الإزالة مبغوض عندي مطلقًا حتّى حال فعل الصّلاة. في المقابل الأمر بالصّلاة هو أمر بسدّ جميع أبواب عدمها مع عدم الأمر بسدّ باب عدمها من جهة الإزالة. إذا عرفت هذا عرفت معنى كون وجوب الصّلاة ناقصًا فيما وجوب الإزالة تامّ.

فإذا كنّا مضطرّين بسبب التّضادّ رفع اليد عن خاصيّة ما في وجوب الصّلاة فلماذا نرفع اليد عن إطلاقه ونشرطه في حين أنّ القول بناقصيّته مع بقائه على ما هو عليه من الإطلاق؛ كافٍ في بلوغنا المراد؟

على أنّ هذا الكلام كلّه إنّما يجري في الضّدّين الّلذين لها ثالث دون ما لا ثالث لهما حيث لا يجري هذا ولا يجري الكلام عن التّرتّب كما مرّ سابقًا في اعتراض المحقّق النّائينيّ على إجراء التّرتّب في الجهر والإخفات وهما ممّا لا ثالث لهما.

وهذا المبحث يشكّل أمّ الكلام عن الخطاب القانونيّ والّذي سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.

برچسب ها: الترتب

چاپ

 نقل مطالب فقط با ذکر منبع مجاز است