جلسه هجدهم اول آبان ۱۳۹۶


این مورد را ارزیابی کنید
(0 رای‌ها)

عرض کردیم در موارد وضوح ملازمه، استثنای مذکور در کلام آخوند صحیح نیست و اشکالی که ما مطرح کردیم در کلام مرحوم آقای صدر هم هست.

ما گفتیم در موارد وضوح ملازمه، تعبد به یکی از متلازمین، تعبد به دیگری هم هست و این کبری صحیح است اما در استصحاب صغری ندارد چون به عنوان خاص مستصحب تعبدی وارد نشده است بلکه عنوان عام متیقن که منطبق بر مورد شده است مورد تعبد است.

البته ایشان معتقد است در کلام مرحوم آخوند استثنای واحدی را فرض کرده است که برای آن دو تقریب بیان کرده اما ما گفتیم دو استثنای مختلف در کلام مرحوم آخوند هست نه اینکه دو بیان برای استثنای واحد باشد.

در بحث مثبتات امارات، تقریبی بیان کردیم که گفتیم بعید نیست منظور آخوند این باشد. گفتیم ایشان می‌فرمایند اماره همان‌ طور که از مدلول مطابقی‌اش کشف می‌کند از مدالیل التزامی و لوازم و ملازمات هم کشف می‌کند.

مرحوم نایینی در فرق بین اصول و امارات گفته‌اند امارات و اصول هم موضوعا و هم حکما با یکدیگر متفاوتند.

موضوع آنها متفاوت است چون اماره نوعی کشف ذاتی ناقص دارد به خلاف اصول عملیه که هیچ نوع کشفی ندارند. شارع اگر امارات را حجت کرده است، کشف آن را تتمیم کرده است یعنی شارع جعل کاشفیت نکرده است بلکه کاشفیت ناقص اماره را تتمیم کرده است.

هم چنین در موضوع اصول عملیه، شک اخذ شده است به خلاف اماره که در موضوع آن شک اخذ نشده است.

و شارع هم وقتی اماره را معتبر می‌کند به ملاک اماریت و کاشفیتش آن را حجت کرده است و آنچه برای شارع موضوعیت دارد کاشفیت اماره است. و این کاشفیت همان طور که در مدلول مطابقی اماره وجود دارد در مدلول التزامی و لوازم و ملازمات هم هست.

حکم آنها هم متفاوت است چون در موارد اماره، شارع امارات را معتبر کرده است به این معنا که همان جهاتی که در ناحیه قطع هست (از جهت کشف و جری عملی) همان را در امارات اعتبار کرده است.

قطع چهار خصوصیت دارد:

یکی اینکه قطع با قطع نظر از آثاری که دارد صفتی در نفس انسان است.

دوم اینکه قطع کاشف و حاکی از واقع است و البته این کاشفیت تمام و کامل است.

سوم کشف از واقعیت منشأ جری عملی است و این به نکته مطابقت با واقع و کشف از آن است.

چهارم منجزیت و معذریت.

ایشان در ادامه فرموده‌اند وقتی شارع اماره را حجت می‌کند یعنی در موارد اماره علم اعتبار کرده است، شارع ناظر به تنزیل اماره منزله قطع در خصوصیت کاشفیت است و البته کشف قطع تام است و کشف اماره ناقص است که با جعل شارع، تتمیم می‌شود.

و البته معنای این جمله این نیست که شارع قوت احتمال ایجاد می‌کند و تکوینا کشف اماره را تتمیم می‌کند.

بعید نیست معنای تتمیم کشف این باشد که هر چند مکلف کاشفیت را ناقص می‌بیند اما شارع احتمال مطابقت اماره با واقع را بیش از آن چیزی می‌داند که در نزد مکلف است. البته نه اینکه همه موارد اماره مطابق با واقع است بلکه منظور نسبیت است. یعنی از نظر شارع کشف اماره حجت از واقع، بیشتر از کشف اماره غیر حجت از واقع است.

در دوران امر بین امارات مختلف، درجه مطابقت این اماره معتبر نزد شارع بیش از درجه مطابقت اماره غیر معتبر است و شارع از این اقوی بودن خبر می‌دهد نه اینکه تکوینا کشف اماره را تتمیم کند.

اگر منظور مرحوم نایینی از تتمیم کشف، جری عملی باشد در این صورت اماره با اصول تداخل پیدا می‌کند در حالی که مرحوم نایینی حجیت امارات را متفاوت از حجیت اصول می‌داند.

 

ضمائم:

کلام مرحوم آقای صدر:

ان اللازم العقلي تارة: يكون لازما للمستصحب بوجوده الواقعي، و أخرى: يكون لازما للتعبد الاستصحابي كحكم ظاهري شرعي، و ثالثة: يكون لازما للحجية و المنجزية أو المعذرية، و الأول هو الّذي وقع الكلام عنه في بحث الأصل المثبت، و اما الثاني و الثالث فلا إشكال في ثبوته، اما الثاني فلأنه بحسب الحقيقة من لوازم الأمارة لا الأصل و هي حجة في إثباتها، و اما الثالث فهو مقطوع به لأن المفروض القطع بالمنجزية و المعذرية في مورد الاستصحاب و هذا واضح، و انما الكلام في بعض‏ المصاديق حيث ان ترتب بعض اللوازم العقلية للتعبد الاستصحابي- القسم الثاني- انما يتم على بعض المسالك في الاستصحاب دون بعض.

توضيح ذلك: ان اللازم قد يكون لازما تصديقيا للجعل الاستصحابي، و قد يكون لازما تصوريا للمستصحب كالمتضايفين مثل البنوة و الأبوة، اما في القسم الثاني فقد يقال فيه بان الملازمة التصورية بينهما توجب‏ انعقاد ظهور في دليل الاستصحاب على ان التعبد بأحدهما يلازم التعبد بالآخر، لأن الدلالة التصورية تستتبع الدلالة التصديقية وراءها.

إلّا ان هذا الكلام غير تام، لأن دليل الاستصحاب لو كان واردا في الأبوة أو البنوة بالخصوص فقد يصح هذا التقريب، و لكن دليل الاستصحاب غير وارد في هذا العنوان المضايف و انما ورد بعنوان عام هو النهي عن نقض اليقين بالشك و هذا العنوان ليس له دلالة تصورية على البنوة كي يتوهم تحولها إلى دلالة تصديقية.

و اما في القسم الأول و هو ما يكون لازما تصديقيا لجعل الاستصحاب فهذا يكون بأحد نحوين:

1- ما يكون لازماً لجعل الاستصحاب على جميع المباني في تفسير حقيقته، من قبيل ما إذا ادعي الملازمة بين أبعاض الماء الواحد في الحكم بالطهارة و النجاسة حتى الظاهرية و لو باعتبار عدم تعقل العرف بحسب مرتكزاته التفكيك بينها في ذلك أو قيام إجماع تعبدي على ذلك، فالماء النجس المتمم كرا يجري استصحاب النجاسة في الجزء الّذي كان نجسا منه قبل الكرية و به نثبت نجاسة اجزائه الأخرى، و كذلك يجري استصحاب طهارة تلك الأجزاء الأخرى إذا كانت حالتها السابقة الطهارة فنثبت طهارة الجزء الأول لأن هذا لازم لنفس الحكم الاستصحابي الظاهري فيتعارضان.

و يمكن ان يمثل لذلك أيضا بترتب المجعول الظاهري عند تحقق موضوعه خارجا في موارد استصحاب الحكم في الشبهات الحكمية، كما إذا وجد خارجا ماء متغير زال عنه تغيره، فان استصحاب بقاء نجاسة الماء المتغير بعد زوال تغيره بنحو القضية الكلية يلزم منه فعلية المجعول الاستصحابي عند تحقق موضوعه بناء على التفكيك بين عالم الجعل و المجعول- كما هو المبنى المشهور- فانه كما ان الجعل الواقعي حينما يوجد موضوعه‏ خارجاً يصبح فعلياً بالملازمة كذلك الجعل الظاهري و هذا من لوازم الأمارة.

2- ما يكون لازماً تصديقياً للحكم الاستصحابي على بعض المباني من قبيل وجوب المقدمة أو حرمة الضد للشي‏ء المستصحب وجوبه، فان لازم ثبوت الوجوب الظاهري له وجوب مقدمته و حرمة ضده كذلك، إلّا ان هذا مبني على كون المجعول في باب التعبد الاستصحابي الحكم المماثل و ان تكون الملازمة بين وجوب شي‏ء و وجوب مقدمته أو حرمة ضده بلحاظ عالم الجعل و الاعتبار أيضاً لا بلحاظ المبادئ و إلّا لم يتم ذلك لما عرفت في محله من ان الحكم الظاهري ليس له مبادئ مستقلة عن المبادئ الواقعية.

و على ضوء ما تقدم في هذا الأمر و الأمر المتقدم يظهر الحال فيما ذكره المحقق الخراسانيّ (قده) من عطف موارد جلاء الواسطة على خفائها من حيث حجية الأصل المثبت فيه و ذكر في وجه ذلك تقريبين:

أولهما- ان العرف في موارد جلاء الملازمة و وضوحها لا يتعقل التفكيك بينهما حتى بحسب الظاهر لشدة الالتصاق بينهما فالأبوة و البنوّة لا يمكن ان يكون بينهما تفكيك حتى في مرحلة التعبد و الحكم الظاهري فيكون الدليل على أحدهما دليلًا على الآخر.

ثانيهما- ان شدة الالتصاق و التلازم و وضوحه يجعل العرف يرى الأثر الشرعي للواسطة أثراً مرتبطاً بملازمه أيضاً فكأنما هما وجهان لحقيقة واحدة ينظر إليه من جانب فيقال أبوّة و من جانب آخر فيقال بنوّة.

و بين التقريبين فرق واضح، فان الأول منهما يرجع إلى ما ذكرناه في هذا الأمر، بينما الثاني منهما يرجع إلى ما تقدم في وجه حجية الأصل المثبت، و يترتب على ذلك فرق عملي أيضاً حيث انه بناءً على الأول منهما لا بد من ترتب أثر عملي على استصحاب الأبوة مثلًا أولا لكي نثبت البنوّة ثانياً اما إذا لم يكن الأثر مترتباً إلّا على البنوّة فلا يمكن إثباتها باستصحاب الأبوة لعدم تمامية أركان الاستصحاب في البنوّة ابتداءً و عدم ترتب أثر عملي على الأبوة ليثبت لازمه، و هذا بخلاف التقريب الثاني فانه بناءً عليه يكون أثر البنوة أثراً للأبوة المستصحبة نفسها.

و أياً ما كان فقد عرفت بطلان التقريب الثاني سواء جعل ملاكه خفاء الواسطة أم جلائها، كما ان التقريب الأول إذا تمت صغراه فلا إشكال في كبراه، إلّا ان الشأن في ان مجرد جلاء الواسطة يكفي سببا لذلك بحيث تتم ملازمة تصديقية عرفية بين التعبد بأحدهما و التعبد بالآخر.

(بحوث فی علم الاصول، جلد 6، صفحه 202)

 

کلام مرحوم نایینی:

- التنبيه الثامن-

قد اشتهر بين المتأخّرين القول باعتبار مثبتات الأمارات دون مثبتات الأصول، خلافا لما يظهر من بعض كلمات المتقدّمين، و تحقيق الكلام في ذلك يستدعي بيان ما تمتاز به الأمارات عن الأصول موضوعات و حكما.

أمّا امتيازها من حيث الموضوع فبأمور:

الأوّل: عدم أخذ الشكّ في موضوع الأمارة و أخذه في موضوع الأصل، فانّ التعبّد بالأصول العمليّة إنّما يكون في مقام الحيرة و الشكّ في الحكم الواقعي، فقد أخذ الشكّ في موضوع أدلّة الأصول مطلقا محرزة كانت أو غير محرزة، بخلاف الأمارات، فانّ أدلّة اعتبارها مطلقة لم يؤخذ الشكّ قيدا فيها، كقوله عليه السلام «العمري ثقة فما أدّى إليك عنّي فعنّي يؤدّي».

نعم: الشكّ في باب الأمارات إنّما يكون موردا للتعبّد بها، لأنّه لا يعقل التعبّد بالأمارة و جعلها طريقا محرزة للواقع مع انكشاف الواقع و العلم به، فلا بدّ و أن يكون التعبّد بالأمارة في مورد الجهل بالواقع و عدم انكشافه لدى من قامت عنده الأمارة، و لكن كون الشكّ موردا غير أخذ الشكّ موضوعا، كما لا يخفى.

الأمر الثاني: الأمارة إنّما تكون كاشفة عن الواقع مع قطع النّظر عن التعبّد بها، بخلاف الأصول العمليّة، غايته أنّ كشفها ليس تامّا كالعلم، بل كشفا ناقصا يجامعه احتمال الخلاف، فكلّ أمارة ظنّيّة تشارك العلم من حيث الإحراز و الكشف عمّا تحكي عنه، و الفرق بينهما إنّما يكون بالنقص و الكمال، فانّ كاشفيّة العلم و إحرازه تامّ لا يجمع معه احتمال الخلاف، و أمّا كاشفيّة الأمارة و إحرازها فهو ناقص يجتمع معه احتمال الخلاف، فالأمارات الظنّيّة تقتضي الكشف و الإحراز بذاتها مع قطع النّظر عن التعبّد بها، و إنّما التعبّد يوجب تتميم كشفها و تكميل إحرازها بإلغاء احتمال الخلاف. و أمّا أصل الكشف و الإحراز الناقص: فليس ذلك بالتعبّد، و لا يمكن إعطاء صفة الكاشفيّة و الإحراز لما لا يكون فيه جهة كشف و إحراز، فالكشف الناقص في الأمارة كالكشف التامّ في العلم لا يمكن أن تناله يد الجعل، و إنّما الّذي يمكن أن تناله يد الجعل هو تتميم الكشف بإلغاء احتمال الخلاف و عدم الاعتناء به.

الأمر الثالث: الأمارة إنّما يكون اعتبارها من حيث كشفها و حكايتها عمّا تؤدّي إليه، بمعنى أنّ الشارع لاحظ جهة كشفها في مقام اعتبارها، فإنّ ألغى الشارع جهة كشفها و اعتبرها أصلا عمليّا فلا يترتّب عليها ما يترتّب على الأمارات، بل يكون حكمها حكم الأصول العمليّة، كما لا يبعد أن تكون قاعدة التجاوز و أصالة الصحّة بل الاستصحاب في وجه من هذا القبيل، فانّ في هذه الأصول جهة الكاشفيّة و الأماريّة، و لكن الشارع اعتبرها أصولا عمليّة، كما سيأتي بيانه (إن شاء اللّه تعالى) في الخاتمة، فتأمّل. فبهذه الأمور الثلاثة تمتاز الأمارة عن الأصل موضوعا.

و أمّا امتيازها عنه حكما:

فهو أنّ المجعول في الأمارات إنّما هو الجهة الثانية من الجهات الثلاث الّتي يقتضيها العلم الطريقي، و هي: كونه صفة قائمة في النّفس، و كونه كاشفا و طريقا إلى المعلوم، و كونه محرّكا عملا نحو المتعلّق. فهذه الجهات الثلاث كلّها مجتمعة في العلم الطريقي.

و المجعول في باب الأمارات إنّما هو الجهة الثانية من هذه الجهات، و في باب‏ الأصول العمليّة المحرزة إنّما هو الجهة الثالثة.

و أمّا الجهة الأولى: فهي من اللوازم التكوينيّة للعلم الوجداني غير قابلة لأنّ تنالها يد الجعل التشريعي، و قد تقدّم تفصيل ذلك كلّه في الجزء الثالث من الكتاب عند البحث عن قيام الطرق و الأصول مقام القطع الطريقي، و إجماله:

هو أنّ العلم عبارة عن الصورة الحاصلة في نفس العالم و بتوسّط تلك الصورة ينكشف ذو الصورة و يكون محرزا لدى العالم، فالعالم إنّما يرى ذا الصورة بتوسّط الصورة المرتسمة في النّفس، و من هنا يكون المعلوم أوّلا و بالذات نفس الصورة و لأجل كونها مطابقة لذي الصورة يكون ذو الصورة معلوما ثانيا و بالتبع، و هذا من غير فرق بين أن يكون العلم من مقولة الكيف أو الفعل أو الانفعال أو غير ذلك، فانّه على جميع التقادير لا يتعلّق العلم بالذوات الخارجيّة إلّا بتوسّط ما يكون بمنزلة المرآة و القنطرة لها، فكاشفيّة العلم عن المتعلّق إنّما تكون بعد قيام الصورة في النّفس فيتعقّبها الكاشفيّة و الإحراز، ثمّ يتعقّب الكاشفيّة و الإحراز الحركة و الجري العملي نحو المتعلّق، فالعطشان العالم بوجود الماء في المكان الكذائي يطلبه و يتحرّك نحوه، و الخائف العالم بوجود الأسد في الطريق يفرّ منه و يترك سلوكه، فالجري العملي و حركة العضلات إنّما يكون بعد إحراز المتعلّق.

فهذه الجهات الثلاث مترتّبة في الوجود، بمعنى أنّ الجهة الأولى متقدّمة على الجهة الثانية رتبة و الجهة الثانية متقدّمة على الجهة الثالثة كذلك.

نعم: للعلم جهة رابعة، و هي: كونه مقتضيا للتنجّز عند المصادفة و المعذوريّة عند المخالفة، و هذه الجهة إنّما تكون في عرض اقتضائه الحركة و الجري العملي فالجهة الثالثة و الرابعة ممّا يقتضيهما العلم من الجهة الثانية، و هي: الإحراز و الكاشفيّة.

إذا تبيّن ذلك، فنقول: إنّ المجعول في باب الطرق و الأمارات إنّما هو الطريقيّة و الكاشفيّة و الوسطيّة في الإثبات، بمعنى: أنّ الشارع جعل الأمارة محرزة للمؤدّى و طريقا إليه و مثبتة له، بناء على ما هو التحقيق عندنا: من أنّ الطريقيّة بنفسها تنالها يد الجعل كسائر الأحكام الوضعيّة، بل الطريقيّة أيضا كالملكيّة و الزوجيّة من الأمور الاعتباريّة العرفيّة الّتي أمضاها الشارع فانّ‏ الظاهر أنّه ليس فيما بأيدينا من الطرق و الأمارات ما يكون مخترعا شرعيّا، بل جميع الطريق و الأمارات ممّا يتعاطاها يد العرف في إثبات مقاصدهم، كالأخذ بالظواهر و العمل بالخبر الواحد و نحو ذلك من الطرق و الأمارات، فهي عندهم محرزة للمؤدّى و كاشفة عنه و واسطة لإثبات مقاصدهم كالعلم، و الشارع قد أبقاها على حالها و أمضى ما عليه العرف، فالأمارات تكون كالعلم من حيث الإحراز و الكاشفيّة و إثبات المؤدّى، و ليس أخذ العقلاء بالأمارات لمجرّد تطبيق العمل على مؤدّياتها بلا توسّط الإحراز، فانّه ليس في بناء العقلاء تعبّد في مقام العمل، فتطبيق عملهم على ذلك إنّما هو لكونها محرزة للمؤدّى.

فظهر: أنّ المجعول في الأمارات ليس هو مجرّد تطبيق العمل على المؤدّى، بل تطبيق العمل على المؤدّى من لوازم المجعول فيها، و إنّما المجعول أوّلا و بالذات‏ نفس الإحراز و الوسطيّة في الإثبات، و بتوسّطه يلزم تطبيق العمل على المؤدّى.

نعم: المجعول في باب الأصول العمليّة مطلقا هو مجرّد تطبيق العمل على مؤدّى الأصل، إذ ليس في الأصول العمليّة ما يقتضي الكشف و الإحراز، و ليست هي طريقا إلى المؤدّى، بل إنّما تكون وظائف تعبّديّة للمتحيّر و الشاكّ لا تقتضي أزيد من تطبيق العمل على المؤدّى، سواء كان الأصل من الأصول المحرزة أو كان من الأصول الغير المحرزة، فانّه ليس معنى الأصل المحرزة كونه طريقا إلى المؤدّى، بل معناه هو البناء العملي على أحد طرفي الشكّ على أنّه هو الواقع و إلغاء الطرف الآخر فالمجعول في الأصل المحرز هو الجهة الثالثة من العلم الطريقي، و هي الحركة و الجري العملي نحو المعلوم، فالإحراز في باب الأصول المحرزة غير الإحراز في باب الأمارات، فانّ الإحراز في باب الأمارات هو إحراز الواقع مع قطع النّظر عن مقام العمل، و أمّا الإحراز في باب الأصول المحرزة: فهو الإحراز العملي في مقام تطبيق العمل على المؤدّى، فالفرق بين الإحرازين ممّا لا يكاد يخفى.

و أمّا الأصول الغير المحرزة: فالمجعول فيها مجرّد تطبيق العمل على أحد طرفي الشكّ من دون البناء على أنّه هو الواقع، فهو لا يقتضي أزيد من تنجيز الواقع عند المصادفة و المعذوريّة عند المخالفة، و هو الّذي كان يقتضيه العلم من الجهة الرابعة.

لا أقول: إنّ المجعول في باب الأصول الغير المحرزة نفس التنجيز و المعذوريّة، فانّ ذلك واضح الفساد كما تقدّم، بل المجعول فيها معنى لا يقتضي أزيد من التنجيز و المعذوريّة، بالبيان المتقدّم في باب جعل الطرق و الأمارات.

فتحصّل: أنّ الأصول العمليّة كلّها وظائف للمتحيّر في مقام العمل، و التعبّد بها لمحض الجري العملي على طبق المؤدّى بلا توسّط الإحراز.

إذا عرفت ذلك فقد ظهر لك السرّ فيما اشتهر بين المتأخّرين: من اعتبار مثبتات الأمارات دون مثبتات الأصول، فانّ الوجه في ذلك إنّما هو لمكان أنّ المجعول في باب الأمارات معنى يقتضي اعتبار مثبتاتها و لو بألف واسطة عقليّة أو عاديّة، بخلاف المجعول في باب الأصول العمليّة، فانّه لا يقتضي أزيد من اعتبار نفس مؤدّى الأصل، أو ما يترتّب عليه من الأحكام الشرعيّة بلا واسطة عقليّة و عاديّة.

بيان ذلك: هو أنّ الأمارة إنّما تحكي عن نفس المؤدّى و لا تحكي عن لوازم المؤدّى و ملزوماته الشرعيّة بما لها من الوسائط العقليّة أو العاديّة فانّ البيّنة أو الخبر الواحد إنّما يقوم على حياة زيد أو موت عمرو، فهو إنّما يحكي عن نفس الحياة و الموت، و لا يحكي عن نبات اللحية و ما يستتبعه: من الآثار الشرعيّة أو العقليّة و العاديّة، بداهة أنّ المخبر بالحياة ربّما لا يلتفت إلى نبات اللحية فضلا عمّا يستتبعه، و الحكاية عن الشي‏ء فرع الالتفات إليه، فليس الوجه في اعتبار مثبتات الأمارة كونها حاكية عن لوازم المؤدّى و ملزوماته، بل الوجه فيه هو أنّ الأمارة إنّما تكون محرزة للمؤدّى و كاشفة عنه كشفا ناقصا و الشارع بأدلّة اعتبارها قد أكمل جهة نقصها، فصارت الأمارة ببركة اعتبارها كاشفة و محرزة كالعلم، و بعد انكشاف المؤدّى يترتّب عليه جميع ما للمؤدّى من الخواصّ و الآثار على قواعد سلسلة العلل و المعلولات و اللوازم و الملزومات [2] و لا يحتاج‏ في إثبات اللوازم إلى كون الأمارة حاكية عنها، بل إثباتها إنّما يكون من جهة إحراز الملزوم، كما لو أحرز الملزوم بالعلم الوجداني، فانّه لا يكاد يشكّ في إثبات العلم لجميع ما يقتضيه المعلوم بوجوده الواقعي: من اللوازم و الملزومات و العلل و المعلولات، و الأمارة الظنّيّة بعد اعتبارها يكون حالها حال العلم.

نعم: بين الأمارة و العلم فرق، و هو أنّ العلم لمّا كان لا تناله يد التعبّد الشرعي، فلا يتوقّف إثباته للوازم و الملزومات على أن يكون في سلسلتها أثر شرعي، بخلاف الأمارة، فانّه لا بدّ فيها من أن ينتهي الأمر- و لو بألف واسطة- إلى أثر شرعيّ، حتّى لا يلزم لغويّة التعبّد بها.

و الحاصل: أنّه كما أنّ الشي‏ء بوجوده الواقعي يلازم وجود اللوازم و الملزومات و العلل و المعلولات، كذلك إحراز الشي‏ء يلازم إحراز اللوازم و الملزومات و العلل و المعلولات عند الالتفات إليها، و بعد ما كانت الأمارة الظنّيّة محرزة للمؤدّى فيترتّب عليه جميع ما يترتّب عليه من الآثار الشرعيّة و لو بألف واسطة عقليّة أو عاديّة، فظهر: أنّ السرّ في اعتبار مثبتات الأمارات هو أنّ المجعول فيها معين يقتضي ذلك.

و أمّا الأصول العمليّة: فلمّا كان المجعول فيها مجرّد تطبيق العمل على المؤدّى بلا توسيط الإحراز، فهو لا يقتضي أزيد من إثبات نفس المؤدّى أو ما يترتّب عليه من الحكم الشرعي بلا واسطة عقليّة أو عاديّة، فانّه لا بدّ من الاقتصار على ما هو المتعبّد به، و المتعبّد به في الأصول العمليّة مجرّد تطبيق العمل على مؤدّى الأصل، و المؤدّى إن كان حكما شرعيّا فهو المتعبّد به، و إن كان موضوعا خارجيّا فالمتعبّد به إنّما هو ما يترتّب عليه من الحكم الشرعي، فانّ الموضوع الخارجي بما هو غير قابل للتعبّد به.

و أمّا الأثر الشرعي المترتّب على المؤدّى بواسطة عقليّة أو عاديّة- كما لو فرض أنّ لنبات اللحية أثرا شرعيّا في المثال المتقدّم- فهو غير متعبّد به، فانّ مؤدّى الأصل نفس الحياة لا نبات اللحية، و المفروض: أنّ الأثر الشرعي لم يترتّب على الحياة ليكون التعبّد بالحياة بلحاظ ذلك الأثر، بل الأثر مترتّب على نبات اللحية، فالأصل الجاري في الحياة لا يمكن أن يثبت الحكم الشرعي المترتّب على نبات اللحية، لأنّ الحكم الشرعي لا بنفسه مؤدّى الأصل و لا موضوعه، إذ المفروض: أنّ موضوعه إنّما هو نبات اللحية و الأصل لم يؤدّ إليه، بل أدّى إلى الحياة، فكيف يمكن إثبات حكم لموضوع بقيام الأصل على موضوع آخر؟.

و دعوى: أنّ الحكم الشرعي أثر لنبات اللحية و نبات اللحية أثر للحياة فيكون الحكم الشرعي أثرا للحياة أيضا- فانّ أثر الأثر أثر بقياس المساواة- فهي في غاية الوهن و السقوط، فانّ قياس المساواة إنّما يكون في العلل و المعلولات التكوينيّة أو في العلل و المعلولات الشرعيّة بحيث تكون سلسلة الوسائط و العلل و المعلولات كلّها شرعيّة كما سيأتي بيانه. و أمّا إذا تخلّل بين سلسلة الآثار الشرعيّة واسطة عقليّة أو عاديّة: فلا يأتي فيها قياس المساواة، فانّ الآثار الشرعيّة تدور مدار مقدار التعبّد بها، فقد يكون التعبّد بالنسبة إلى خصوص الأثر الّذي لا يتوسّط بينه و بين موضوعه واسطة عقليّة أو عاديّة، فكون أثر الأثر أثرا لا ربط له بباب التعبّديّات. و قد عرفت: أنّ المتعبّد به في باب الأصول العمليّة هو خصوص مؤدّى الأصل أو ما يترتّب عليه من‏ الحكم الشرعي بلا واسطة عقليّة و عاديّة.

نعم: إذا ورد في مورد بالخصوص التعبّد بأصل مع أنّه ليس لمؤدّاه أثر شرعي إلّا بواسطة عقليّة أو عاديّة، فلا بدّ من ثبوت الأثر الشرعي و إلّا يلزم لغوية التعبّد بالأصل، و أين هذا من الأصول العمليّة الّتي قد يتّفق فيها عدم الأثر للمؤدّى إلّا بواسطة عقليّة أو عاديّة؟ فانّه لا يلزم من عدم جريان الأصل فيما يتّفق فيه ذلك لغويّة التعبّد بالأصل، لأنّه يكفي في صحّة التعبّد به جريانه في سائر الموارد ممّا كان المؤدّى فيها بنفسه أثرا شرعيّا أو ترتّب عليه أثر شرعي بلا واسطة عقليّة أو عاديّة.

و بالجملة: بعد ما كان المجعول في الأصول العمليّة مجرّد تطبيق العمل على مؤدّى الأصل، فلا يمكن أن يثبت به الأثر الشرعي الّذي يتخلّل بينه و بين المؤدّى واسطة عقليّة أو عاديّة و كذا لا يمكن أن يثبت به ملزوم المؤدّى أو ما يلازمه شرعا، فانّ التعبّد بالبناء العملي على ثبوت مؤدّى الأصل لا يلازم التعبّد بالبناء العملي على ثبوت الملزوم أو ما يلازم المؤدّى، فلو كان مؤدّى الأصل جواز الصلاة في الجلد المشكوك كونه من مأكول اللحم، فلا يثبت به حلية الحيوان المتّخذ منه الجلد، مع أنّ جواز الصلاة في الجلد إمّا أن يكون من اللوازم الشرعيّة المترتّبة على كون الحيوان مأكول اللحم و إمّا أن يكون جواز الصلاة في الجلد و حلّيّة أكل الحيوان لازمين ل [عدم‏] كون الحيوان مسوخا أو ذا ناب و مخلب، فالأصل الّذي يؤدّى إلى جواز الصلاة في الجلد كما لا يثبت به الملزوم (و هو [عدم‏] كون الحيوان مسوخا أو ذا ناب و مخلب) كذلك لا يثبت به ما يلازم جواز الصلاة (و هو كون الحيوان مأكول اللحم) لما عرفت: من أنّ التعبّد باللازم لا يلازم التعبّد بالملزوم و لا بما لا يلازم اللازم.

و حاصل الكلام: هو أنّ التعبّد بثبوت العلّة يلازم التعبّد بثبوت المعلول الشرعي، سواء لم يكن في البين إلّا علّة واحدة و معلول شرعيّ واحد أو كان في البين علل و معلولات متعدّدة كلّها شرعيّة، فانّ التعبّد بمبدإ السلسلة و أوّل العلل يقتضي التعبّد بجميع العلل و المعلولات المتوسّطة إذا لم يتخلّل بينها واسطة عقليّة أو عاديّة، و إن تخلّل بينها واسطة عقليّة أو عاديّة فالتعبّد بمبدإ السلسلة يقتضي التعبّد بالعلل و المعلولات إلى ما قبل الواسطة العقليّة أو العاديّة، دون ما بعدها، هذا إذا كان المتعبّد به ثبوت العلّة.

و أمّا إذا كان المتعبّد به ثبوت المعلول: فهو لا يلازم التعبّد بثبوت العلّة و لا بثبوت معلول آخر إذا كان للعلّة معلولان و كان أحد المعلولين مؤدّى الأصل دون الآخر، كما في المثال المتقدّم لو فرض كون جواز الصلاة في الجلد و حلّيّة أكل الحيوان معلولي [عدم‏] كون الحيوان ذا ناب و مخلب، فتأمّل جيّدا.

فوائد الاصول، جلد 4، صفحه 481)



 نقل مطالب فقط با ذکر منبع مجاز است