الترتب (۱۱ ربیع الاول ۱۴۴۴)

بحثنا في التّنبيه الثّاني من تنتبيهات بحث التّرتّب وهو ما يرتبط باستدلال المحقّق النّائينيّ عليه بالوقوع ورددنا جملة من إشكالات الأعلام، ولكن لنا نحن على أحد أمثلته إشكال. وهو منصبّ على المثال الثّاني الّذي فرضه في المقام وهو عكس الأوّل وهو وجوب الإقامة لنذر مثلًا؛ بحيث يترتّب وجوب القصر على عصيان الإقامة كما لو قال المولى يجب عليك الإقامة ولكن إن عصيت وجب عليك القصر. واستهجن شيخنا الأستاذ إذ من الواضح أنّ المقام ليس من التّرتّب لأنّه حال مخالفته للأمر بالإقامة سيكون سفره عصيانًا وهو ليس موضوعًا للأمر بالقصر بل أفتى الفقهاء بأنّ السّفر الّذي تكون غايته العصيان أو يكون هو بنفسه عصيانًا يكون موضوعًا للتّمام لا للقصر.

التّنبيه الثّالث: كما استُدلّ بفتاوى الفقهاء في الموارد الّتي ذُكرت، استدلّ أيضًا بالمنصوص في بعض الحالات كما في من صلّى جهرًا في موضع الإخفات والعكس وكذا فيمن صلّى تمامًا في موضع القصر. وذلك كما لو سافر الجاهل بوجوب القصر رأسًا جهلًا تقصيريًّا، فصلّى الصّلاة الرّباعيّة في السّفر مع أنّه مأمور بالقصر، أبرأته لأجل التّرتّب كما عن كاشف الغطاء. فهو قد خوطب: صلّ صلاة القصر في السّفر وإن عصيت فصلّ صلاة رباعيّة، وفرّع على ذلك أنّه إن لم يصلّ رأسًا لعوقب بعقابين عقاب ترك صلاة القصر وعقاب ترك صلاة التّمام. وإذا صلّى الصّلاة الرّباعيّة استحقّ عقوبة واحدة هي عقوبة ترك القصر ولكن بعد الاتيان بصلاة التّمام لن يتمكّن من الاتيان بصلاة القصر بعنوان المأمور به؛ إذ هو مأمور بالقصر الّذي لم يُسبق بالتّمام ولا يمكن إيجاد الشّرط وعدم السّبق بالتّمام بعد الاتيان بالصّلاة الرّباعيّة وإلى الأبد. وهكذا الحال في الجهر والإخفات.

وقد جرى الكلام عن الجاهل المقصّر لا القاصر لأنّه في حال التّقصير يكون التّكليف منجّزًا على المكلّف ولو كان جاهلًا فيتأتّى الكلام عن تزاحم بين تكليفين منجّزين كما هو شرط التّرتّب لا فقط فعليّين. إذ في التّرتّب نطلب رفع إشكال الدّعوة المنجّزة إلى تكليفين متضادّين وإلّا فلا نحتاج إلى التّرتّب في مورد يكون أحد التّكليفين منجّزًا والآخر فعليًّا غير منجّز.

وهنا نسأل سؤالين: الأوّل هل يصحّ توجيه هذه النّصوص بالتّرتّب؟ الثّاني هل ينحصر توجيهها بالتّرتّب؟

وفي جواب الثّاني: نقول بعدم الانحصار وبالتّالي ليس في هذه النّصوص دليل على التّرتّب، كما لو وُجّهت على ما ذكره الشّيخ الآخوند من أنّ الصّلاة التّمام ليست مأمورًا بها أصلًا في هكذا مورد بل هي مانعة عن الاتيان بالمأمور به أي القصر لأنّ شرط القصر هو عدم السّبق بالتّمام، وهذا المنع أعمّ من داخل الوقت وخارجه بحيث يسقط القضاء الّذي هو الاتيان بما فات من صلاة قصر لم يسبقها تمام.

وفي جواب الأوّل: ذهب المحقّق النّائينيّ إلى عدم قابليّة توجيهها بالتّرتّب وأشكل على ذلك بإشكالات واختلف في ذلك عن السّيّد الخوئيّ الّذي ذهب إلى إمكان التّوجيه بالتّرتّب.

 

برچسب ها: الترتب

چاپ

 نقل مطالب فقط با ذکر منبع مجاز است