دعوی الاملاک (۸ جمادي الاولی ۱۴۴۴)

الكلام هو في ادّعاء ملكيّة شيء في يد آخر بحيث كان للمدّعي سابقًا يد على ذلك المال ثابتة بالبيّنة أو باليد.

الاختلاف كان هو في أنّه هل اليد الحاليّة هي الحاكمة أم اليد السّابقة بحيث يصير صاحب اليد الفعليّة مدّعيًا لا مدّعى عليه؟

هذا هو الخلاف الآتي في الكلمات. وقد طرحنا الاستدلالات.

ووصل الكلام إلى المختار.

والحقّ هو أنّ اليد السّابقة مقدّمة واليد الحالية ملغاة.

وأِشرنا إلى وجهين وهنا وجه ثالث نذكره لتقدّم اليد السّابقة على الحاليّة.

الوجه الأوّل هو المبتني على مبحث أصوليّ مهمّ يرتبط بالتّعارض الدّاخليّ ووجود أصل مختصّ بأحد الطّرفين. هنا يدان ويوجد إطلاق في دليل اليد شامل لليد الحاليّة وكذا السّابقة، فتكون كلّ منهما أمارة على الملك حال اليد بالفعل وبعد زوالها ما لم تقم حجّة على زوال الملك. فمن رأى شيئًا في يد زيد اليوم يصحّ أن يشهد غدًا بملكيّة زيد للعين اليوم.

فاليد السابقة بنفسها بلا حاجة إلى استصحاب نحكم على أساسها ببقاء الملك، وهنا يقع تعارض داخليّ أي تتعارض اليدان، وتصل النّوبة إلى المرجّحات أو حجّة أخرى من قبيل الأصل المختصّ بأحد الطّرفين؛ وهو عبارة عن الاستصحاب.

اليد الحاليّة تعترف باليد السّابقة الثابتة بالإقرار أو بالبينة، فتتعارض اليدان وتتساقطان ويبقى الاستصحاب قائمًا.

وهذا البحث يُطرح في بحث العلم الإجمالي حيث يشترط أن لا يكون هناك أصل مختص بأحد الأطراف وإلّا لجرى فيه بلا منازع. كما في العلم الإجمالي بنجاسة أحد الماءين حيث تتعارض أصالة الطّهارة في الطّرفين فتتساقطان. وكما في العلم الإجماليّ بنجاسة إمّا الماء وإمّا الثّوب، ويتساقط أصلا الطّهارة ولا يجريان في الطّرفين، ولكن هناك أصل مختصّ كأصل الحلّ يجري في الماء في شربه دون أن يجري في الثّوب؛ فراجعه.

وتطبيقه الثّالث هو ما نحن فيه. هنا يدان دليلهما واحد فيتساقطان ويجري الاستصحاب في الآخر لكونه ذا أصل مختصّ بل يجري في الأوّل الاستصحاب أيضًا ويثبت ما أثبته الأصل في الثّاني.

والوجه الثّاني: قلنا إنّ اليد السّابقة غير اليد الحاليّة وتدّعي اليد السّابقة الملك فلا دليل على حجّيّة اليد الحاليّة. فلا يشمل إطلاق اليد اليد الحاليّة المسبوقة بيد سابقة منازعة. نعم حيث لم تكن السّابقة منازعة فهي معتبرة وكذا حيث لا يد. ولا شيء من النّصوص يدلّ على حجّيّة اليد حيث نازع صاحب اليد السّابقة.

الدليل على اعتبار اليد هو إما حديث ما قام للمسلمين سوق وإما حديث فدك وإما رواية يونس وإما سيرة العقلاء؛

فإذا كان الدّليل هو سيرة العقلاء فلا حجّيّة لليد الحاليّة؛

وإذا كان الدّليل هو الأوّل فليست بصدد القول كلّ يد معتبر بل تأصيل الرّجوع إلى الإثبات بواسطة اليد؛

وإذا كان الدّليل هو رواية فدك، فهنا يد حاليّة ولا منازعة من قبل اليد السّابقة، ولا يرد كلام الشّيخ عن عدم الجزم ولا كلام السّيّد الخوئيّ في عدم الاعتراف في الانتقال.

وأمّا إذا كان الدّليل حديث يونس في باب متاع الزّوجين إذا ماتا ولهما متاع، فقال الأثاث النّسائيّ للنّساء والرّجالي للرّجال، وما بقي فمن استولى على شيء منه فهو له. والاستيلاء هو اليد وهذا دليل على حجّيّة اليد.

المتفاهم منها أنّ موضوع الملكيّة هو ما استولى على شيء وهذا مدرك البعض مثل المحقّق النّراقيّ ويقع التّعارض بين الاستصحاب واليد.

لكن هذه الرّواية لا إطلاق لها. فهي لا تجعل الاعتبار لليد أوسع من البناء  العقلائيّ. فهنا بناء عقلائيّ له دائرة نشكّ في جعل دائرة أوسع من الدّائرة المدلول عليها عقلائيًّا.

فيتحصّل أنّه لا دليل على اعتبار اليد الحاليّة المسبوقة بيد سابقة منازعة.

چاپ

 نقل مطالب فقط با ذکر منبع مجاز است