الاختلاف فی العقود (۷ جمادي الثانية ۱۴۴۴)

 بحثنا في مسائل اختلاف العقود والبحث الحالّ في الاختلاف بين الإجارة والعارية وكانت المسألة السّابقة في الاختلاف بين البيع والهبة. فأحدهما يدّعي البيع والآخر يدّعي الهبة. وهي تقع في حالتين:

  1. إحداهما أن يدّعي المالك البيع وبالتّالي سيكون له الثّمن على الآخر فيكون هو المدّعي ويجب عليه البيّنة؛ إذ الأصل هو براءة ذمّة المقابل والمدّعي للبيع مخالف للأصل فيما مدّعي الهبة موافق له.
  2. وأمّا إذا كان الآخذ يقول كان بيعًا لكن لا ليقول إنّه عليّ مال بل لكي لا يكون للآخر فسخ المعاملة، إذ يجوز فسخ الهبة، لكنّ جواز الفسخ خلاف الأصل؛ إذ عند الشّكّ في كون العقد ممّا يصحّ فسخه أم لا كان الأصل هو العدم، ومدّعي الهبة يطلبها للرّدّ فعليه البيّنة.

وعطفًا عليها ذكر السّيّد اليزديّ مسألة ترجع إليها وهي إن كانت أطراف المسألة مختلفة بحيث وقع الاختلاف في الإجارة والعارية، فأحدهما يدّعي أنّ هذه العين كانت إجارة والآخر يدّعي العارية.

كما إذا قال المالك بالإجارة بغرض استحقاق الأجرة كما يدّعي المالك البيع بغرض استحقاق الثّمن في المسألة السّابقة، ومن يقول بهذا مدّعٍ وعليه البيّنة، وفي المقابل يقول الآخر بأنّ العين كانت عارية وكان الملك ملك انتفاع لا منفعة، وهنا الأًصل هو براءة ذمّة الآخذ من الأجرة.

لكن إذا كان غرض مدّعي الإجارة هو اللّزوم كما إذا ندم المالك وادّعى العارية، فالأصل هو اللّزوم والقول بالعارية على خلاف الأصل وعلى مدّعيها إقامة البيّنة.

وهذه المسألة على وزان السّابقة بحيث يمكن جعلهما تحت عنوان واحد: إذا اختلف الطّرفان فادّعى أحدهما أنّه باع والآخر أنّها هبة أو ادّعى أحدهما أنّه آجر والآخر أنّها عارية.

السّيّد في ملحقات العروة ذكر صور المسألة على نحو جامع عام:

اختلاف الطّرفين: إمّا أن يكون في قلّة وكثرة خصائص العقد المعيّن؛

وإمّا أن يكون في أركان العقد؛

وإمّا أن يكون في ماهيّة العقد.

ولتبويبه المسائل هكذا لم يعد محتاجًا للتّعرّض لكلّ مسألة مسألة على حدى.

وكيف كان؛ إذا كان الاختلاف لأجل اللّزوم، فالقول قول مدّعي الإجارة، وإن كان الاختلاف لأجل الأجرة فالقول قول مدّعي العارية.

لكن إذا وقع الخلاف بين مدّعي عدم المجانيّة ومدّعي المجانيّة، ومع أنّ اشتغال الذّمّة على خلاف الأصل، ولكن يظهر من كلمات غير واحد من الفقهاء أنّه عند دوران الأمر بين بذل العين مجانًا أو بذل المنفعة مجانًا، فالأًصل هو كونها بعوض لا مجانًا. ومن هنا، وإن كان مدّعي البيع متضمّنًا قوله لادّعاء اشتغال ذمّة الآخر بالثّمن لكن قوله مقدّم. وهكذا في الإجارة.

وهذا ممّا يظهر من بعض الرّوايات ومنها روايات في باب اختلاف البائع والمشتري في قدر الثّمن، فالقول قول البائع؛ إذ تفيد أنّه إذا اختلفا فالقول قول ربّ السّلعة وأخرى أنّ القول قول البائع مع يمينه.

وقد ردّه السّيّد الخوئيّ بأنّه لا دليل عندنا بأنّ قول مدّعي الضّمان مقدّم، ليقدّم قول مدّعي البيع وكذا مدّعي الإجارة. فلا أصل هكذا.

وما يستفاد من كلام المحقّق النّائينيّ في مورد الاختلاف في المجّانيّة والضّمان هو استصحاب الضّمان.

مدّعي البيع يدّعي البيع بثمن المثل بلا زيادة فيما الطّرف الآخر يقول كانت مجّانًا، قبل وقوع العقد إذا وقعت العين تحت يد الطّرف الآخر لكانت مضمونة عليه، فإذا وقع العقد واختلفا فيه لماذا لا نستصحب الضّمان؟ فهي كانت مضمونة قبل البيع والهبة بالمثل أو بالقيمة، وما يوجب تغيير الوضع السّابق هو وقوع الهبة ولا دليل على وقوعها.

ذهب السّيّد الخوئيّ إلى تقديم قول مدّعي الهبة بالبراءة، لكن كيف تصل النوبة الى البراءة مع الاستصحاب؟

وافرض المسألة على نحو آخر: الغاصب يقول غصبت أنّه لاحقًا وهبه المالك العين، فيما المالك يقول لا بل بعت العين بعد الغصب، فهل يقدم هنا قول مدّعي الهبة ؟؟؟؟ لا يوجد فقيه يقول بهذا. بل يستصحب الضّمان بثمن المثل، فيقدّم قول مدّعي البيع، لأنّ الحق يبقى على ثبوته بالاستصحاب، فقد كان ثابتًا حال الغصب وهو الآن ثابت بالبيع.

وعين الكلام يطبّق في المورد؛ فقول مدّعي الهبة على خلاف أصل استصحاب الضّمان ولا يجري أصل براءة الذّمّة حيث يكون في المورد الاستصحاب جاريًا.

يتأتّى هذا الاستصحاب للضّمان من كلام المحقق النّائينيّ وهذا غير إثبات موضوع مركّب يكون جزء منه بالوجدان والآخر بالتّعبّد.

برچسب ها: الاختلاف بین الاجارة و العارية, الاختلاف بين البیع و الهبة, اصل الضمان في الاموال

چاپ

 نقل مطالب فقط با ذکر منبع مجاز است