بِسْمِ اللَّهِ قاصِمِ الْجَبَّارِينَ، مُبِيرِ الظَّالِمِينَ، مُدْرِكِ الْهارِبِينَ، نَكالِ الظَّالِمِينَ، صَرِيخِ الْمُسْتَصْرِخِينَ، مُعْتَمَدِ المُؤْمِنِينَ.

وَ لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لاَ هُمْ يَحْزَنُونَ

ببالغ الحزن و الأسی تلقی المؤمنون نبأ شهادة سیّد المقاومة و عمیدها المجاهد الصّابر و المدافع المرابط زعیم حزب اللّه في لبنان و حبیب قلوب المؤمنین في سائر البلدان سماحة السیّد حسن نصر اللّه قدّس سرّه.

و هذه المصیبة و إن کانت کبیرة علی المؤمنین إلّا أنّ ألذي یهوّنها أنّها بعین اللّه المأمول منه أن یجبرها بمن یرفع رایته و یقود المؤمنین المجاهدین مکانه و یسیر بهم مسیر العزّ و النّصر و الدّفاع عن الأمّة.

و قد وعد اللّه بالنّصر و الهدایة حین قال: «وَ أَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقاً» و قال عزّ من قائل: «وَ الَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا».

أسال اللّه العلی القدیر أن یحشر السیّد الشّهید و سائر الشّهداء ألذین إستشهدوا في الأحداث الأخیرة في لبنان مع سیّد الشّهداء أبی عبداللّه الحسین و یأخذ بثارهم من الصّهاینة الظّالمین و غیرهم من أعداء المؤمنین و أساله أن یلهم أهالیهم و المؤمنین الصّبر و أن یحسن لهم العزاء و أن یاخذ بأیدینا إلی الرّشاد و یوفّقنا للعمل بما یحبّه و‍ یرضاه و السّلام علی عباد اللّه الصّالحین.

لیلة ۲۴ من شهر ربیع الأول، قم المقدسة، محمّد بن محمّد الحسین القائنی

جلسه هشتاد و سوم ۳۰ بهمن ۱۳۹۷

اصل ثانوی در تعارض

گفتیم اصل اولی در تعارض امارات، تساقط است مگر فرضی که مرحوم آقای صدر به عنوان محاوله ششم در عدم تساقط دو اماره متعارض در فرض اول از صورت چهارم تعارض بیان کردند آن هم در خصوص برخی موارد مثل اقرار به همان بیانی که گذشت و مطابق آن دلالت التزامی اقرار حجت نبود چون ادعا بود و دلالات مطابقی اقرار متعارض نیستند و لذا تساقط نمی‌کنند.

حال اگر دلیلی داشته باشیم که در موارد تعارض، دو دلیل تساقط نمی‌کنند حکم مساله چیست؟ با فرض عدم تساقط امر دائر بین تعیین و تخییر است و باید بحث کرد که عدم تساقط به معنای تخییر است یا به معنای تعیین یکی از اطراف است؟ از جمله ثمرات این بحث در تعدی از مرجحات منصوص روشن می‌شود.

در این بحث گفته شده است اگر در دوران امر بین تعیین و تخییر، اگر ملاک حجیت در یک طرف اقوی از طرف دیگر باشد همان دلیل متعینا حجت است (و این همان است که مرحوم آقای صدر مطابق اصل اولی به تعیین و عدم تساقط نظر دادند) و اگر ملاک حجیت در هر دو مساوی است مکلف مخیر است. و اگر اقوی بودن ملاک حجیت در خصوص یک طرف محتمل باشد، موجب تعین است و باید به همان دلیل متعینا عمل کرد. و اگر اقوی بودن ملاک حجیت در هر دو طرف محتمل باشد باید در مورد نتیجه بحث کرد.

مرحوم آقای صدر فرموده‌اند ما چون بر اساس اصل اولی به عدم تساقط قائل شدیم از این بحث بی نیازیم اما طبق مسلک قوم که در اصل اولی به تساقط قائل شده‌اند بحث را باید این طور تفصیل داد:

گاهی مکلف به تکلیف علم اجمالی منجز دارد (اعم از اینکه علم اجمالی در خصوص اطراف معارضه باشد یا علم اجمالی کبیر در همه موارد باشد و این علم اجمالی منحل نشده باشد) و گاهی علم اجمالی منجز به تکلیف وجود ندارد (به اینکه علم اجمالی کبیر منحل شده باشد و در خصوص اطراف معارضه هم علم اجمالی وجود نداشته باشد).

أنه تارة: يبحث مع افتراض عدم انحلال العلم الإجمالي الكبير بوجود تكاليف إلزامية في مجموع الشبهات‏ ...

فعلى الفرضية الأولى (عدم انحلال العلم الاجمالی الکبیر) إذا كان احتمال التعيين في أحد الدليلين المتعارضين فقط، و فرض التزام الفقيه به كان حجة عليه لا محالة، سواء كان دليلا إلزامياً أم ترخيصياً. و إذا فرض عدم الالتزام به و إنما التزم بالآخر، أو لم يلتزم بشي‏ء منهما، أو كان احتمال التعيين في كل من الطرفين وارداً، فالنتيجة في جميع هذه التقادير الثلاثة عدم ثبوت الحجية لأحدهما المعين و لزوم‏ الاحتياط في مقام العمل، و ذلك للشك في حجية كل منهما و عدم إمكان رفع اليد عن مقتضى العلم الإجمالي الكبير المقتضي للاحتياط في تمام الأطراف.

و أما على الفرضية الثانية (فرض انحلال العلم الاجمالی الکبیر)، فتارة: يفترض وجود علم إجمالي بالتكليف في خصوص مورد التعارض، كما إذا دل أحد الدليلين على نفي وجوب الجمعة و الآخر على نفي وجوب الظهر و كان يعلم إجمالًا بوجوب أحدهما، و حكم هذه الصورة حكم الفرضية السابقة أيضا، بمعنى أن ما يلتزم به يكون هو الحجة إذا كان محتمل التعيين، و إلّا فالاحتياط.

اگر علم اجمالی منجز وجود داشته باشد اگر احتمال تعین در یک طرف باشد مقتضای قاعده این است که اگر مکلف به طرفی که تعینش محتمل است اخذ کند در ترک طرف دیگر معذور است و تفاوتی ندارد طرفی که محتمل التعین است حکم الزامی باشد یا ترخیصی. چون در هر صورت فرض این است که با اخذ به طرف محتمل التعیین حتما برای مکلف حجت است (چون یا مخیر بین دو دلیل است که با اخذ به آن حجت است و یا همان معینا بر او حجت است) و با وجود حجت ترک طرف دیگر جایز است و مکلف در ترک واقع هم معذور است.

و اگر مکلف به طرفی که تعینش محتمل است اخذ نکند یا به هیچ کدام اخذ نکند یا احتمال تعین در هر دو طرف وجود داشته باشد مکلف در مخالفت با واقع معذور نیست و لذا احتیاط لازم است. بنابراین اگر هر دو اماره دال بر حکم الزامی‌اند باید به دو اخذ کند و اگر یکی دال بر ترخیص و دیگری دال بر الزام است باید به دلیل دال بر الزام عمل کند چون احتیاط به این محقق می‌شود.

و أخرى: لا يفترض وجود علم إجمالي في مورد التعارض. و حينئذ تارة: يتكلم فيما إذا تعارض دليل الإلزام مع دليل الترخيص، و أخرى: فيما إذا تعارض دليلان كلاهما يدل على الحكم الإلزاميّ.

اما اگر علم اجمالی در بین نباشد (علم اجمالی کبیر منحل شده است و در خصوص فرض معارضه هم علم اجمالی وجود ندارد) در این صورت:

الف) یا یکی از دو اماره متعارض دال بر حکم الزامی است و دیگری دال بر حکم ترخیصی است

ب) یا هر دو اماره متعارض بر حکم الزامی دلالت می‌کنند.

اما صورت اول که یک اماره بر حکم الزامی و دیگری بر حکم ترخیصی دلالت می‌کند:

اول) یا احتمال تعین در اماره دال بر حکم الزامی است

دوم) و یا احتمال تعین در اماره دال بر ترخیص است

سوم) و یا احتمال تعین در هر دو وجود دارد.

و فرض این است که مساله دائر بین تعیین و تخییر است. ایشان فرموده‌اند اگر احتمال تعین در اماره دال بر الزام باشد مقتضای اصل تخییر است و اگر احتمال تعین در خصوص طرف ترخیص باشد یا در هر دو احتمال تعین وجود داشته باشد مقتضای اصل تعیین است و لذا آنچه مشهور قائلند که در همه موارد دوران امر بین تعیین و تخییر، مقتضای قاعده تعیین است حرف صحیحی نیست.

 

ضمائم:

کلام مرحوم آقای صدر:

و أما ما تقتضيه القاعدة إذا افترضنا العلم من الخارج بحجية أحد الدليلين المتعارضين و عدم تساقطهما المطلق، فيقال عادة في هذا المجال: أنه تارة نفرض القطع بأن ملاك الحجية في أحدهما المعين أقوى منه في الآخر، و أخرى:

نفرض القطع بتساويه فيهما، و ثالثة: نفرض احتمال تعين الملاك و أقوائيته‏ في أحد الطرفين تعييناً، و رابعة: نحتمل تعيّنه في كل من الطرفين. ففي الأول يثبت الترجيح، و في الثاني يثبت التخيير، و في الثالث و الرابع يكون من موارد الدوران بين التعيين و التخيير في الحجية من طرف واحد أو كلا الطرفين، و سوف يأتي البحث عن حكمه.

أقول: قد عرفت مما تقدم أنه في الفروض الثلاثة الأولى لسنا بحاجة إلى افتراض علم خارجي يدلنا على عدم التساقط، بل كان يكفي دليل الحجية وحده لإثبات نفس النتائج المفترضة في التقادير الثلاثة، فالحاجة إلى ضم دليل خارجي على عدم التساقط إنما تظهر في التقدير الأخير الّذي يبحث فيه عن مقتضى الأصل الثانوي، و أنه التخيير أو التعيين.

و أيا ما كان، فالذي علينا البحث عنه هنا هو التفتيش عن مقتضى الأصل الثانوي في موارد علم فيها بعدم التساقط المطلق و تردد الأمر بين تعيين الحجية في أحد الطرفين المتعارضين أو التخيير بينهما. و قد ذكروا: أن مقتضى الأصل التعيين.

و التحقيق: أنه تارة: يبحث مع افتراض عدم انحلال العلم الإجمالي الكبير بوجود تكاليف إلزامية في مجموع الشبهات، و أخرى: يبحث مع افتراض انحلال هذا العلم بموارد حددت فيها تفصيلًا التكاليف بالوجدان أو التعبد بحيث لم يبق مانع من الانتهاء إلى الأصول العملية المؤمنة في غير دائرة ما علم تفصيلًا من الشبهات.

فعلى الفرضية الأولى.- إذا كان احتمال التعيين في أحد الدليلين المتعارضين فقط، و فرض التزام الفقيه به كان حجة عليه لا محالة، سواء كان دليلا إلزامياً أم ترخيصياً. و إذا فرض عدم الالتزام به و إنما التزم بالآخر، أو لم يلتزم بشي‏ء منهما، أو كان احتمال التعيين في كل من الطرفين وارداً، فالنتيجة في جميع هذه التقادير الثلاثة عدم ثبوت الحجية لأحدهما المعين و لزوم‏ الاحتياط في مقام العمل، و ذلك للشك في حجية كل منهما و عدم إمكان رفع اليد عن مقتضى العلم الإجمالي الكبير المقتضي للاحتياط في تمام الأطراف.

لا يقال- لا بد من الالتزام بشي‏ء منهما، إذ المفروض ثبوت الحجية في الجملة و لو بدليل خارجي المستلزم لوجوب الالتزام بأحدهما في الجملة.

فإنه يقال- وجوب الالتزام بأحدهما في الجملة الثابت في موارد التخيير و عدم التساقط المطلق إنما يراد به حكم طريقي فحواه تنجز الواقع على المكلف إذا لم يلتزم بشي‏ء منهما و ليس حكماً تكليفياً مستقلًا عن الواقع المشتبه، و المفروض أن الواقع منجز بالعلم الإجمالي الكبير و ان المكلف لا بد و أن يحتاط بلحاظه، فلا مخالفة في ترك الالتزام بهما مع الاحتياط.

و أما على الفرضية الثانية، فتارة: يفترض وجود علم إجمالي بالتكليف في خصوص مورد التعارض، كما إذا دل أحد الدليلين على نفي وجوب الجمعة و الآخر على نفي وجوب الظهر و كان يعلم إجمالًا بوجوب أحدهما، و حكم هذه الصورة حكم الفرضية السابقة أيضا، بمعنى أن ما يلتزم به يكون هو الحجة إذا كان محتمل التعيين، و إلّا فالاحتياط. و أخرى: لا يفترض وجود علم إجمالي في مورد التعارض. و حينئذ تارة: يتكلم فيما إذا تعارض دليل الإلزام مع دليل الترخيص، و أخرى: فيما إذا تعارض دليلان كلاهما يدل على الحكم الإلزاميّ.

و قبل الدخول في تفاصيل القسمين لا بد و أن نوضح: أن الحجية التخييرية ترجع بحسب روحها و صياغتها الثبوتية إلى مجموع أحكام ثلاثة. حجية كل من الطرفين مشروطة بالأخذ به مع وجوب الالتزام بأحدهما وجوباً طريقياً لأن كل الفرضيات الأخرى لتصوير حقيقة الحجية التخييرية كانت غير معقولة باستثناء فرضية حجية كل منهما مشروطاً بكذب الآخر الّذي كان معقولًا في بعض أقسام التعارض و لكنها لم تكن مفيدة لتعيين الحجة في أحد الطرفين حين الأخذ به و إنما كان يظهر أثره في نفي الحكم الثالث فقط- على ما تقدم شرحه مفصلًا- و هذا هو الفارق بين الحجية التخييرية و الوجوب التخييري، فإن الأخير يعقل جعله كحكم واحد متعلق بالجامع بخلاف الحجية فإنها لا يعقل تعلقها بالجامع فلا محالة ترجع لباً إلى حجيّتين مشروطتين في الطرفين مع إيجاب الالتزام بأحدهما كحكم طريقي- و نقصد بالحكم الطريقي ما شرحناه قبل قليل من تنجز الواقع على المكلف فيما إذا لم يلتزم بشي‏ء منهما و عدم إمكان رجوعه إلى الأصول المؤمّنة- و نكتة ذلك لغوية جعل الحجية المشروطة من دونه. فالدليل على الحجية التخييرية بدلالته على هذا الوجوب الطريقي يكون مخصصاً لأدلة الأصول المؤمنة. و بهذا يعرف أيضا أنه لو كان الواقع منجزاً بنفسه إما لعدم انحلال العلم الإجمالي الكبير أو لوجوب الاحتياط في كل شبهة و لو كانت بدوية، فلا موجب لجعل الوجوب الطريقي.

و على ضوء هذا المعنى نقول: إذا فرضنا التعارض بين دليلين يدل أحدهما على حكم إلزامي، و الآخر على حكم ترخيصي و كان يعلم بثبوت الحجية لأحدهما في الجملة و لكنها ترددت بين أن تكون تخييرية أو تعيينية، فهناك ثلاث صور تختلف النتيجة العملية باختلافها.

الصورة الأولى- ما إذا كان احتمال التعيين في دليل الإلزام بالخصوص.

و حكم هذه الصورة أنه إذا التزم الفقيه بدليل الإلزام تمت لديه الحجة على الإلزام للقطع بحجيته في هذا الحال على كل تقدير، و أما إذا لم يلتزم به فيدور الأمر بين ثبوت الحجية المطلقة لدليل الإلزام أو ثبوت الحجية التخييرية التي كانت عبارة عن الأحكام الثلاثة المتقدمة، و حينئذ قد يتوهم: أن العلم الإجمالي هذا دائر بين متباينين لأن الحجية المطلقة لدليل الإلزام مباينة مع الأحكام الثلاثة، فيجب الاحتياط.

إلّا أن الصحيح- كما أشرنا إليه فيما سبق- عدم منجزية مثل هذا العلم الإجمالي، لجريان الأصل المؤمن عن الحجية المطلقة- التعيين- من دون‏ معارض لأن الحجية التخييرية لا معنى لإجراء الأصل المؤمن عنها، لأن مئونتها مشتركة بينها و بين الحجية المطلقة فتكون ثابتة بالعلم الوجداني على كل حال، إذ كلتا الحجيتين تشتركان في تنجيز الإلزام فيما إذا التزم بدليل الوجوب أو لم يلتزم بشي‏ء منهما و تزداد مئونة الحجية المطلقة لدليل الإلزام و تظهر فيما إذا التزم بدليل الترخيص، فما يجري عنه الأصل المؤمن إنما هو الحجية التعيينية لدليل الإلزام.

و بتعبير آخر: تجري أصالة البراءة عن الإلزام المحتمل في صورة الالتزام بدليل الترخيص و لا يعارض بأصل مؤمن آخر، لأنه لو لم يلتزم بشي‏ء منهما أو التزم بدليل الإلزام لم يكن الأصل المؤمن جارياً في حقه لعلمه بالمنجز حينئذ المتمثل في الوجوب الطريقي أو الحجة على الإلزام. و هذه نتيجة التخيير و جواز الأخذ بدليل الترخيص الّذي لا يحتمل تعينه. و بهذا يتضح أن إطلاق فتوى المشهور بالتعيين في كافة صور الدوران بينه و بين التخيير غير تام.

الصورة الثانية- ما إذا كان محتمل التعيين دليل الترخيص. و الحكم في هذه الصورة هو إجراء الأصل المؤمن عن الحجية التخييرية لدليل الإلزام، لأنها تتضمن كلفة زائدة بخلاف الحجية التعيينية لدليل الترخيص. و بالتعبير الآخر: تجري البراءة عن الإلزام الواقعي المشكوك سواء التزمنا بدليل الإلزام أو بدليل الترخيص أو لم نلتزم بشي‏ء منهما، إذ على جميع التقادير لا علم لنا بالمنجز لأن الحجة لو كانت متعينة في دليل الترخيص فلا تنجيز أصلًا و مع احتمال ذلك لا يبقى علم منجز فيمكن إجراء البراءة. نعم لو التزمنا بدليل الترخيص لقطعنا بالحجة على الترخيص فيمكن الاستناد إليه في الإفتاء بمضمونه. فالنتيجة في هذه الصورة نتيجة التعيين.

الصورة الثالثة- أن نحتمل التعيين في الدليلين الإلزامي و الترخيصي معاً، و حكم هذه الصورة. كما في الصورة السابقة من حيث جريان الأصل المؤمن عن الحجية التعيينية و التخييرية المحتملتين لدليل الإلزام، لأن فيهما معاً كلفة زائدة، دون الحجية التعيينية لدليل الترخيص. فالنتيجة في هذه الصورة تعيين دليل الترخيص أيضا، نعم تختلف الصورتان في أنه لا يمكن الإفتاء بمضمون دليل الترخيص حتى لو التزم به الفقيه في هذه الصورة لاحتمال تعيين دليل الإلزام عليه. بينما كان يمكن ذلك في الصورة السابقة.

هذا كله إذا كان الدوران بين التعيين و التخيير في الحجية لدليلين متعارضين أحدهما يدل على الإلزام و الآخر على الترخيص.

و أما إذا كان المتعارضان معاً يدلان على الإلزام، فتارة: يفترض أن الحكمين الإلزاميين المفادين بهما سنخ حكمين يمكن الاحتياط فيهما، كما إذا دل أحدهما على وجوب الصدقة على الفقير و دل الآخر على وجوب زيارة الحسين عليه السلام و علم بكذب أحدهما إجمالًا. و أخرى: يفترض أن الحكمين الإلزاميين لا يمكن فيهما الاحتياط، كما إذا دل أحدهما على وجوب شي‏ء و الآخر على حرمته. و في كلا الفرضين، تارة: يكون احتمال التعيين في أحد الطرفين، و أخرى: يكون احتمال التعيين في كلا الطرفين، فمجموع الصور أربع.

أما الصورة الأولى- و هي ما إذا أمكن الاحتياط و احتمل التعيين في أحدهما- فيلزم فيها الأخذ بالدليل المحتمل تعيّنه، لأنه بالأخذ به يقطع بالحجة على الإلزام في أحد الطرفين، و التعذير عن الطرف الآخر المحتمل بالدلالة الالتزامية، و بذلك يكون قد أفرغ ذمته بالتعبد، بينما إذا التزم بالآخر حصل العلم الإجمالي بوجود إحدى حجتين إلزاميتين و هو منجز، كما أنه إذا لم يلتزم بشي‏ء منهما حصل العلم الإجمالي بحجية الدال على الإلزام الّذي كان يحتمل تعينه، أو ثبوت الوجوب الطريقي المنجز للواقع و هو علم إجمالي منجز أيضا.

و أما الصورة الثانية- و هي ما إذا أمكن الاحتياط و احتمل التعيين في‏ الطرفين معاً فيجب فيها الاحتياط و امتثال كلا الدليلين، لأنه سواء التزم بأحدهما أو لم يلتزم يحصل علم إجمالي منجز، و لا يكون الالتزام بأحدهما موجباً للعلم بالفراغ عن التكليف و لو تعبداً.

و أما الصورة الثالثة- و هي ما إذا لم يكن الاحتياط مع احتمال التعيين في أحد الطرفين- فيجب فيها الأخذ بالدليل المحتمل تعيّنه حيث يقطع معه بالحجة على الحكم الواقعي، و لا يجوز تركه إلى الأخذ بالآخر أو تركهما معاً إذ يتشكل على الثاني علم إجمالي بالمنجز الّذي هو إما الحجية التعيينية أو الوجوب الطريقي. و على الأول، علم إجمالي بحجية أحدهما و هو علم بالحجة المنجزة فيكون كالعلم بالواقع، فلا يمكن إجراء البراءة عن مفاد محتمل التعيين لا من جهة الدوران بين الوجوب و الحرمة و ما قد يقال فيه من عدم جريان البراءة عن شي‏ء منهما. فإنه لا دوران بينهما هنا لاحتمال كذب كلا الدليلين، بل من جهة تشكل هذين العلمين الإجماليين المنجزين. كما أنه لا ينبغي أن يتوهم عدم منجزيّتهما بدعوى: أن المقام من موارد دوران الأمر بين المحذورين فلا يعقل التنجيز فيه، لإمكان الموافقة القطعية عن طريق الالتزام بالطرف الّذي يقطع بحجيته و تفريغ الذّمّة بالعمل على طبقه حين الالتزام به، فما نحن فيه حاله حال دوران الأمر بين المحذورين قبل الفحص الّذي يكون العلم الإجمالي فيه منجزاً، و أثره دفع المكلف إلى الفحص عن الحجة على الحكم الشرعي و تحصيل الموافقة القطعية له، فالنتيجة في هذه الصورة نتيجة التعيين.

لا يقال: جعل الحجية التخييرية للمتعارضين الدائر مفادهما بين المحذورين لغو في نفسه، لأن المكلف يطابق عمله مع أحدهما على كل حال.

فإنه يقال: أن التنجيز المذكور تخيير في المسألة الأصولية و ليس تخييراً في المسألة الفقهية كي يلغو جعله في موارد الدوران بين المحذورين، إذ يترتب عليه الأثر في مثل الإفتاء و ثبوت اللوازم.

الصورة الرابعة- نفس الصورة المتقدمة مع افتراض احتمال التعيين في كلا الدليلين- و حكمها جريان البراءة عن احتمال التعيين في كل من الطرفين.

و بتعبير آخر: إجراء البراءة عن كل من الوجوب و الحرمة الواقعيين المحتملين لأنه على جميع التقادير يتشكل علم إجمالي دائر بين محذورين، و لا يمكن موافقته القطعية فيكون حاله حال الدوران بين المحذورين بعد الفحص، مع فرق من ناحية أنه لا دوران هنا بين احتمال الوجوب و الحرمة فقط، بل يحتمل عدمهما أيضا- إذا لم يفترض العلم بصدق أحد الدليلين- و إن كان منفياً بالحجة المعلومة إجمالًا، فالنتيجة في هذه الصورة نتيجة التخيير.

و هكذا اتضح أن مقتضى الأصل الثانوي عند الدوران بين التعيين و التخيير ليس هو التعيين دائماً كما ذهب إليه المشهور، بل قد تثبت نتيجة التخيير.

 

چاپ

 نقل مطالب فقط با ذکر منبع مجاز است