جلسه نود و چهارم ۱۵ اسفند ۱۳۹۵


این مورد را ارزیابی کنید
(0 رای‌ها)

استفاده بیش از حد مجاز

بحث در ضمان منافع متضاد و متبادل بود که قابل استیفای هم زمان نیستند. مرحوم سید فرمودند اگر برخی از این منافع به عقد اجاره مورد ضمان قرار بگیرد و مستاجر منفعت دیگری را استیفاء کند، مستاجر ضامن دو اجرت مستقل است یکی اجرت المسمی و دیگری اجرت المثل منفعت استیفاء شده.

اما مشهور این بود که در این موارد عین منفعت واحدی دارد که اگر مالیت منفعت استیفاء شده برابر با منفعت مورد اجاره باشد فرد فقط ضامن اجرت المسمی است و اگر مالیت منفعت استیفاء شده بیشتر از منفعت مورد اجاره است مستاجر ضامن اجرت المسمی و اجرت المثل مقدار ما زاد است.

ظاهرا مشهور معتقدند اولا منافع متبادل و متضاد مملوک نیستند علاوه که اگر قرار باشد منافع متضاد و متبادل مضمون باشند بنابراین غاصب باید همه منافع متصور را که شاید حتی حد و حصر هم نداشته باشند ضامن باشد و کسی چنین چیزی را معتقد نیست.

مرحوم آقای خویی می‌خواهند اولا ملکیت منافع متضاد و متبادل را تصحیح کنند و بعد هم این مثال نقض را دفع کنند.

ایشان فرموده‌اند ملکیت منافع متضاد و متبادل محذوری ندارد و البته نباید لغو باشد بلکه باید فایده‌ای بر آن مترتب شود.

مثال نقض هم وارد نیست چون معیار ضمان در غاصب، تفویت منفعت بر مالک است و وقتی منافع متضاد و متبادل باشند که قابلیت استفاده همزمان ندارند، فوات سایر منافع غیر از منفعتی که غاصب استیفاء کرده است به علت تصرف غاصب نیست بلکه به علت قصور عین از این قابلیت است.

اما در بحث اجاره معیار ضمان منفعت استیفاء شده توسط مستاجر، استیفای منفعت است و ضمان اجرت المسمی هم به علت عقد اجاره است.

و اینکه برخی گفته‌اند لازمه این حرف این است که وضعیت مستاجر که غاصب هم نبوده است از فرد غاصب بدتر باشد به نظر نقض نیست و اشکالی ندارد که در این مورد وضعیت مستاجر بدتر از غاصب باشد چون اسباب ضمان متفاوت است و در مورد مستاجر دو سبب ضمان وجود دارد در حالی که برای غاصب فقط یک سبب ضمان وجود داشته است.

این کلام مرحوم سید و مرحوم آقای خویی است و دیگران با این نظر مخالفند و حرف این دو بزرگوار ابتدائا متین به نظر می‌رسد و ما هم سابقا همین را پذیرفتیم و به آن معتقد بودیم.

اما اخیرا به ذهن ما خلاف آن خطور کرده است به این بیان که آنچه در کلمات قوم آمده است این است که آیا منافع متعدد متضاد و متبادل مملوک هستند یا نه؟ مرحوم آقای خویی فرموده‌اند بله مملوک هستند و سعی کرده‌اند ملکیت منافع متعدد را تصور کند که آیا به نحو کلی فی المعین است یا نحو دیگری است و ...

اما به نظر ما شیء واجد بیش از یک منفعت نیست که مراتب مختلفی دارد و علی البدل قابل صرف در موارد مختلفی است. این نیست که عین منافع متعدد داشته باشد بلکه منفعت واحدی دارد که قابل صرف در متعدد است.

و اگر عین یک منفعت دارد، ضمان واحد هم دارد اما منفعت واحد که مضمون است بالاترین مرتبه آن مضمون است چون همان منفعت واحد قابلیت صرف در بالاترین مرتبه را داشته است و غاصب آن را تفویت کرده است هر چند استیفاء نکرده باشد.

پس اصلا منافع متعددی نیست تا بحث از این باشد که ملکیت آنها را چطور تصویر کنیم بلکه شیء منفعت واحدی دارد. و برخی بین جایی که شیء منفعت واحدی دارد که قابل صرف در موارد متعددی هست و بین جایی که شیء منافع متعددی دارد که قابل استیفاء هم زمان هستند خلط کرده‌اند.

منفعت هر عین همان است که قابل استیفای از آن باشد و در منافع متضاد و متبادل که هم زمان همه آنها قبل استفاده نیستند در حقیقت جامع آنها منفعت عین است که قابلیت صرف در موارد متعدد دارد.

با این بیان در محل بحث ما روشن می‌شود که مستاجر در جایی که مقدار مجاز قید اجاره بوده است یک منفعت را استیفاء کرده است که مملوک خودش بوده است ولی به نحو حرام آن را استیفاء کرده است و اگر منفعتی که استیفاء کرده است از نظر مالیت برابر با مورد اجاره بوده است فقط ضامن اجرت المسمی است (هر چند گناه کرده است که از مورد اجاره تخلف کرده است) و اگر از نظر مالیت بیشتر بوده است ضامن اجرت المسمی و اجرت المثل مقدار زیادی است.

 

ضمائم:

کلام مرحوم آقای خویی:

و الوجه في استحقاق الأُجرتين: أنّ الأُجرة المسمّاة قد استحقّها المؤجر بنفس العقد المفروض وقوعه صحيحاً، و من البيّن أنّ تفويت المستأجر تلك المنفعة بعدم استيفائها خارجاً لا يستوجب السقوط بعد أن أدّى المؤجر ما عليه من تسليم العين.

و أمّا استحقاقه لُاجرة المثل فلأجل استيفاء المنفعة الأُخرى التي هي أيضاً مال محترم للمؤجّر، و لا يذهب مال المسلم هدراً و لا سيّما إذا كانت الأُجرة الثانية أزيد من الاولى، فلا مناص إذن من دفع الأُجرتين معاً: إحداهما بنفس العقد، و الأُخرى بسبب الاستيفاء الخارجي.

إلّا أنّه ربّما يشكل عليه بما أشار إليه في المتن من أنّ العين الواحدة لا تتحمّل‌ في زمان واحد أكثر من منفعة واحدة، لامتناع قيام منفعتين متضادّتين بها في عرض واحد، إذن فلا يعقل أن يكون المالك مالكاً لكلتا المنفعتين كي يستحقّ الأُجرتين، و من الواضح أنّ الجمع بين الضمانين متفرّع على إمكان اجتماع الملكيّتين في عرض واحد.

و ممّا يكشف عن ذلك وضوح أنّ غاصب العين لا يكون ضامناً لتمام المنافع، فلو كانت كلّها مملوكة لكانت كلّها مضمونة بطبيعة الحال، و حيث لا ضمان جمعاً فلا ملكيّة عرضاً، و إنّما المملوك من هاتيك المنافع المتضادّة هو الجامع القابل للانطباق على أيّ منفعة شاءها المالك، ففي الحقيقة لا يملك إلّا منفعة واحدة على البدل مخيّراً في التطبيق على أيّ فرد شاء.

و لكن التحقيق إمكان ملكيّة المنافع المتضادّة في عرض واحد.

و الوجه فيه: أنّ مركز التضادّ إنّما هو ذات المنافع بأنفسها، فلا تجتمع منفعة الركوب مع منفعة الحمل، و لا كتابة العبد حال خياطته، و لا سير الدابّة شرقيّاً حال سيرها غربيّاً، و نحوها من المنافع المتضادّة الممتنع اجتماعها في حالة واحدة.

و أمّا الملكيّة المتعلّقة بها: فبما أنّها أمر اعتباري و الاعتبار خفيف المئونة و قوامه بيد المعتبر، فلا تضادّ بين ملكيّة و أُخرى، فيعتبر من بيده الاعتبار ملكيّة أحدٍ لمنفعة و يعتبره في عين الحال مالكاً لمنفعة أُخرى مضادّة لها، إذ لا مانع من الجمع بين هذين الاعتبارين بعد عدم وجود أيّ مقتضٍ لسراية التضادّ إليهما من المتعلّقين، أعني: نفس المنفعتين.

و على الجملة: التضادّ الحاصل بين المنفعتين لملاكٍ في البين لا يكاد يسري إلى التضادّ بين الاعتبارين، فلا مانع من اجتماعهما على صعيد واحد.

و دعوى أنّ الاعتبار لا بدّ من تعلّقه بأمر مقدور، و إلّا لأصبح لغواً محضاً، و لا قدرة على المنافع المتضادّة.

مدفوعة بأنّ الملكيّة الاعتباريّة انحلاليّة، فكلّ ملكيّة تستدعي في مقام اعتبارها مقدورية متعلّقها بنفسه لا بضميمة متعلّق ملكيّة اخرى. و لا شك في أنّ كلّ واحدة من هاتيك المنافع المتعلّقة للاعتبارات مقدورة في حدّ أنفسها، و ما هو موصوف بعدم القدرة إنّما هو الجمع بينها. و من الضروري عدم اعتبار الملكيّة لمجموع تلك المنافع حتى يقال بأنّ المجموع غير قابل للوقوع خارجاً، بل الملكيّة إنّما تعلّقت بكلّ واحدة واحدة ممّا هو مقدور في نفسه كما عرفت.

و إن شئت مزيد التوضيح فأمعن النظر في الإباحة الشرعيّة، ثمّ أعطف عليها الملكيّة الاعتبارية فإنّهما من وادٍ واحد و بمناطٍ فأرد.

فإنّ الإباحة المزبورة كغيرها من الأحكام الخمسة لا تكاد تتعلّق إلّا بأمر مقدور، ضرورة عدم موقع لتعلّق الحكم الشرعي من التكليفي أو الترخيصي نحو أمر غير مقدور.

و لا شكّ أنّ المتضادّين و لا سيّما فيما لا ثالث له كالحركة و السكون كلّ منهما محكوم بالإباحة الشرعيّة، فتستباح الحركة كما يستباح السكون. و من المعلوم أنّ الإباحة إنّما تتعلّق بكلّ منهما بخصوصه. و أمّا الجامع بينهما أو بين أحد الأضداد فيما له ثالث فهو ضروري التحقّق، فلا معنى لكونه مورداً لأيّ حكم شرعي، كما أنّ الجمع بينهما مستحيل التحقّق، لعدم القدرة عليه، فلا معنى لإباحته أيضاً، بل كلّ منهما مباح في حدّ نفسه، و الجمع بين الإباحتين لا يستلزم إباحة الجمع بين المتضادّين بالضرورة.

و على الجملة: فرق واضح بين كون الجمع متعلّقاً بالإباحة أو متعلّقاً لها، و إن شئت فقل: بين تعلّق الجمع بالإباحة أو تعلّق الإباحة بالجمع، فإنّ الممتنع إنّما هو الثاني الذي هو أمر غير مقدور، و أمّا الأوّل الذي هو جمع بين الإباحتين فلا ضير فيه، لعدم التضادّ بين إباحة و إباحة، فهناك إباحتان مجتمعتان، و الاجتماع‌ وصف لنفس الإباحة، لا أنّ الإباحة متعلّقة بالمجتمع و على صفة الانضمام.

نظير ما ذكرناه في بحث الترتّب من أنّ الأمرين مجتمعان معاً، لا أنّ الأمر متعلّق بالجمع، فهو جمع في الأمر لا أمر بالجمع.

و إذ قد عرفت الحال في الإباحة فالملكيّة تجري على ضوئها و تحذو حذوها، لاشتراكهما في امتناع التعلّق نحو أمر غير مقدور كالمتضادّين، فكما أنّ هذا الامتناع لا يقدح في اتّصاف كلّ منهما بالإباحة حسبما عرفت فكذلك لا يقدح في الاتّصاف بالمملوكيّة.

و السرّ: تعلق كلّ من الاعتبارين أعني: الإباحة و الملكيّة بكلّ واحد من الضدّين بحياله و منعزلًا عن غيره، لا بصفة الاجتماع و الانضمام ليتوهّم امتناعه من أجل التعلّق بغير المقدور فكم فرق بين الجمع بين الاعتبارين و الجمع بين المعتبرين، و الممتنع إنّما هو الثاني دون الأوّل، إذ لا مضادّة بين اعتبار و اعتبار آخر و إن تعلّق بضدّه، لعدم المقتضي لسراية التضادّ من المعتبر إلى الاعتبار بوجه.

إذن فعدم إمكان استيفاء المنفعتين المتضادّتين معاً خارجاً لا يقتضي عدم إمكان اعتبار الملكيّة لكلّ واحدة منهما بحيالها، ضرورة أنّ كلّ واحدة منهما قابلة في نفسها للتحقّق في الخارج، فهي قابلة لأن تتعلّق بها الملكيّة.

فإن قلت: ما هي الفائدة في الجمع بين هذين الاعتبارين بعد امتناع الجمع بين المعتبرين المتضادّين، و هل هذا إلّا من اللغو الممتنع صدوره من الحكيم؟

قلت: كلّا، فإنّ المالك و إن لم يكن قادراً على الجمع، و لا يمكنه استيفاء تمام المنافع المتضادّة، إلّا أنّ ثمرة اعتبار ملكيّته لكلّ منهما تظهر في مثل المقام، حيث إنّه بعد أن ملك واحدة منها للغير و أخرجها عن ملكه بالإجارة فخروجها لا يستلزم خروج الباقي، فلو تمكّن الغير من التصرّف فيه و لو لأجل أنّ‌ المستأجر لم يصرف العين فيما استؤجرت له سواء أ كان هو المستأجر أم شخص غيره، ضمن اجرة المثل لمالك العين، لكونه من التصرّف في المنفعة التي هي ملك الغير. و كفى هذا المقدار فائدة لاعتبار الملكيّة للمنافع المتضادّة و إن لم يتمكّن المالك من استيفائها بتمامها حسبما عرفت، بل لم يكن له هذا التصرّف كما لا يخفى.

و قد اتّضح لك أنّ إمكان ملكيّة المنافع المتضادّة مطابق لمقتضى القاعدة و لا حاجة إلى ما ذكره (قدس سره) في المتن من أنّ: المستأجر بتفويته و استعماله في غير ما يستحقّ كأنه حصل له منفعة أُخرى. الذي لا محصّل له، بل هو بالخطابة أشبه كما لا يخفى، فإنّ المنفعة الأُخرى كانت مملوكة للمالك من الأوّل لا أنّها حصلت بالتفويت، و إلّا فكيف صارت ملكاً له بعد ذلك؟! و من هنا لو فرضنا أنّ المتصرّف كان شخصاً آخر غير المستأجر كان ضامناً للمالك، باعتبار أنّه استوفى منفعة للغير بغير إذنه.

و بعد البناء على الإمكان المزبور فما ذكره في المتن من استحقاق الأُجرتين معاً هو الصحيح الحقيق بالقبول.

و غير بعيد أن يكون هذا هو المرتكز في أذهان العقلاء، فإنّ احتمال ضمان المستأجر لخصوص المنفعة المستوفاة كما نسب إلى جماعة بعيد جدّاً، إذ ما هو الموجب للانفساخ ليلتزم بسقوط الأُجرة المسمّاة؟! و هل ترى أنّ الاستيفاء المزبور من أسباب السقوط؟ فلو فرضنا أنّه لم يستوفها كما لم يستوف المنفعة المستأجرة إلى أن انقضت المدّة فإنّه لا ريب في ضمانه حينئذٍ للمسمّاة، باعتبار أنّه هو الذي فوّت المنفعة على نفسه بعد أن تسلّم العين من المؤجر، فإذا كان التفويت من دون أن يستفيد موجباً لضمان الأُجرة المسمّاة فهل يحتمل أن يكون استيفاء منفعة أُخرى موجباً لسقوطها؟! كما أنّ احتمال اشتغال ذمّته بخصوص الأُجرة المسمّاة و عدم ضمانه للمنفعة‌ المستوفاة و لا سيّما إذا كانت أُجرتها أكثر لا وجه له أيضاً، و كيف يذهب مال المسلم هدراً؟! فلا مناص إذن من الالتزام بكلتا الأُجرتين، جمعاً بين الحقّين.

و يمكن أن يستأنس لما ذكرناه من مقتضى القاعدة بصحيحة أبي ولّاد و جعلها مؤكّدة لها و معاضدة، حيث إنّه صرّح فيها بالضمان بالنسبة إلى المنافع المستوفاة التي هي خارجة عن مورد الإجارة على خلاف فتوى أبي حنيفة ساكتة عن التعرض للأُجرة المسمّاة سؤالًا و جواباً، بحيث يظهر أنّ استحقاقها كأنه أمر مفروغ عنه لم يحتج إلى النزاع و الجدال، و لم يقع مورداً للسؤال، سيّما و لعلّ المتعارف دفعها إلى المؤجر المكاري من أوّل الأمر، و لم ينكر ذلك أبو حنيفة و لا غيره من الأطراف المعيّنة، فالإعراض عن ذكرها و لو كانت ساقطة لكانت حريّة بالتعرّض جدّاً يورث قوّة ظهور لها في ثبوتها، و قد عرفت صراحتها في ثبوت الأُجرة الأُخرى أيضاً، فهي مطابقة إذن لمقتضى القاعدة في الدلالة على استحقاق كلتا الأُجرتين حسبما عرفت.

و ربّما يقال: إنّ الالتزام بملكيّة المنافع المتضادّة يقتضي المصير إلى ضمان الغاصب لجميع هاتيك المنافع، التي ربّما تزيد على قيمة العين، و هذا شي‌ء لا يمكن الالتزام به، بل هو مقطوع البطلان.

و يندفع: بمنع الاقتضاء، فإنّ الضمان حكم شرعي يستند إلى سبب خاصّ، و لا يكون جزافاً، و سببه منحصر في أحد أُمور ثلاثة: إمّا الاستيفاء، أو التلف تحت اليد العادية، أو الإتلاف. و شي‌ء منها غير متحقّق في المقام.

ضرورة أنّ الغاصب لا يستوفي في وقت واحد إلّا منفعة واحدة، فلا مقتضي‌ لضمان الباقي من ناحية الاستيفاء.

و أمّا من ناحية التلف أو الإتلاف فكذلك، بداهة عدم صدق شي‌ء منها بعد عدم قبول تلك المنافع للوجود خارجاً على صفة الاجتماع فلم يتلف على المالك ما عدا منفعة واحدة، أمّا البقيّة المتضادّة فهي غير قابلة للتحقّق عرضاً في حدّ أنفسها، سواء أ كانت تحت يد الغاصب أم المالك، فكيف يصحّ إطلاق التلف أو الإتلاف عليها؟! بل هي تالفة في طبعها و ذاتها، سواء أغصبها الغاصب أم لا.

و بالجملة: الغصب و عدمه بالإضافة إلى عدم وجود بقيّة المنافع على حدٍّ سواء، فكيف يصحّ إسناد عدمها إلى الغاصب ليكون ضامناً؟! و إنّما يتّجه ضمانه بالنسبة إلى خصوص ما استوفاه أو ما أتلفه و إن لم يستوفه، كما لو كانت الدابّة المغصوبة مستعدّة للإيجار لحمل متاع أُجرته كذا فإنّه يصحّ عرفاً أن يقال: إنّ الغاصب أتلف هذه المنفعة و لو لم يستوفها، سواء أصرف الدابّة في اجرة زهيدة أم لم يستفد منها شيئاً أبداً، فإنّه على التقديرين صحّ القول بأنّه أتلفها باعتبار قابليّتها للوجود فيكون ضامناً لها لا محالة. و أمّا جميع المنافع فلم يتلفها الغاصب، فلا موجب لضمانه لها.

و أين هذا من محلّ الكلام؟! الذي فرض فيه أنّ المستأجر ملك منفعة خاصّة و استحقّ المؤجر عليه المسمّاة بمقتضى الإجارة الصحيحة و لكنّه لم يستوفها و استوفى بدلها منفعة أُخرى مضادّة هي ملك للمالك، فإنّ مثله طبعاً يضمن ضمانين: أحدهما بالعقد، و الآخر بالاستيفاء حسبما عرفت بما لا مزيد عليه.

هذا كلّه بناءً على ما هو التحقيق من إمكان ملكيّة المنافع المتضادّة.

و أمّا بناءً على عدم الإمكان كما لعلّه المعروف و المشهور، فيدور الأمر وقتئذٍ بين وجوه ثلاثة:

أحدها: الالتزام بأنّ المالك إنّما يملك المنفعة الكلّيّة أعني: الجامع بين تلك‌ المنافع المتضادّة مخيّراً في التطبيق على أيّ فرد منها شاء، فإذا طبّقه على منفعة خاصّة، كما لو آجر الدابّة للحمل مثلًا فلم يبق له في مدّة الإجارة أيّ ملك في الدابّة ما عدا ذات العين.

و عليه، فلو استعملها المستأجر في جهة أُخرى فبما أنّ تلك الجهة لم تكن مملوكة فطبعاً لم يكن هو ضامناً لأيّ أحد. و نتيجة ذلك هو القول بعدم ضمان المستأجر لما عدا الأُجرة المسمّاة.

و لكن هذا شي‌ء لا يمكن الالتزام به قطعاً، و ذلك لأنّ مقتضاه جواز استيفاء المنفعة العظمى بدلًا عمّا وقعت عليه الإجارة من المنفعة الضئيلة بإزاء أُجرة زهيدة، كما لو استعمل العبد الذي استأجره للكتابة أو الدابّة المستأجرة لإدارة الرَّحَى في حمل صخرة كبرى و نحو ذلك من الأعمال الشاقّة التي ربّما تعادل أُجرتها أضعاف الأُجرة المسمّاة. و هذا شي‌ء لا يمكن الإفتاء به من متفقّة فضلًا عن فقيه، و إنّما يشبه فتاوى أبي حنيفة و أضرابه، مضافاً إلى مخالفته لصحيحة أبي ولّاد الصريحة في ضمان المنافع المستوفاة.

ثانيها: الالتزام بأنّ المستأجر لمّا لم يستوف المنفعة المستأجرة و استوفى بدلها منفعة أُخرى مضادّة، اقتضى ذلك انفساخ عقد الإجارة و فساده، و من ثمّ لم يضمن ما عدا اجرة المثل بالنسبة إلى ما استوفاه و يفرض العقد كأن لم يكن، نسب ذلك إلى العلّامة و غيره.

و قد يقال: إنّ هذا هو المستفاد من صحيحة أبي ولّاد، بدعوى أنّ الاقتصار على التعرّض لُاجرة المنافع المستوفاة و السكوت عن دفع الأُجرة المسمّاة يكشف عن أنّ الواجب إنّما هو اجرة المثل فحسب.

و فيه أوّلًا: أنّه لم يتّضح أيّ موجب للانفساخ و سقوط الأُجرة المسمّاة، فإنّا لو فرضنا أنّ المستأجر أبقى العين عنده معطّلة حتى انقضت المدّة و لم يستوف منها أيّة منفعة، أ فلا يكون ضامناً للأُجرة المسمّاة؟ و حينئذٍ أ فهل ترى أنّ انتفاعه منفعة أُخرى يستوجب السقوط و بطلان الإجارة الاولى، لا ينطبق ذلك على أيّة قاعدة فقهيّة أو رواية و لو ضعيفة.

و أمّا الصحيحة المزبورة فقد مرّ البحث حولها قريباً، فلاحظ و لا نعيد.

و ثانياً: إنّ لازم ذلك براءة ذمّة المستأجر عمّا اشتغلت به حين العقد من غير أيّ مقتضٍ لها فيما لو استوفى بدلًا عن المنفعة المستأجرة منفعة أُخرى ضئيلة أُجرتها يسيرة، كما لو استأجر الدابّة إلى كربلاء بدينار فاستعملها في إدارة الرّحَى التي أُجرتها نصف دينار مثلًا فإنّ مقتضى هذا الوجه براءة ذمّة المستأجر عن الفرق بين الأُجرتين، الذي كان ثابتاً في ذمّته بمقتضى عقد الإيجار من غير أيّ سبب لها. و هذا كما ترى شي‌ء لا يمكن الالتزام به جزماً.

هذا، و لأجل وضوح فساد الوجهين المزبورين ذهب جماعة منهم شيخنا الأُستاذ (قدس سره) إلى اختيار:

ثالث الوجوه: و هو التفصيل بين ما إذا كانت أُجرة المنفعة المستوفاة مساوية للأُجرة المسمّاة أو أقلّ، و بين ما إذا كانت أكثر، فعلى الأوّل لا يستحقّ إلّا المسمّاة، و على الثاني يستحقّها بضميمة الزيادة، فيجب حينئذٍ دفع الفرق بين الأُجرتين زائداً على دفع الأُجرة المسمّاة.

و فيه: أنّ المنفعة المستوفاة إن كانت ملكاً لمالك العين استحقّ حينئذٍ على المستوفي تمام اجرة المثل زائداً على الأُجرة المسمّاة كما ذكرناه لا خصوص‌ الفرق بين الأُجرتين، و إن لم تكن ملكاً له كما هو مبنى القول بعدم ملكيّة المنفعتين المتضادّتين لم يستحقّ شيئاً زائداً على المسمّاة حتى المقدار الفارق، إذ بماذا يستحقّ الزائد بعد أن لم تكن المنفعة المستوفاة مملوكة له؟! و ما هو الموجب لضمان ما به التفاوت و لم يطرأ تلف أو تصرّف في ملكه؟! فهذا الوجه يتلو سابقيه في الضعف بعد عرائه عن أيّ مستند صحيح.

إذن لا محيص عن المصير إلى ما اخترناه تبعاً للمتن من استحقاق كلتا الأُجرتين، خلافاً لأبي حنيفة المنكر لضمان المنفعة المستوفاة، زعماً منه أنّ الخراج بالضمان، كما يظهر من صحيحة أبي ولّاد المتقدّمة.

نعم، ما ذكروه في الوجه الثالث من ضمان الزيادة يتّجه فيما إذا كانت النسبة بين المنفعتين نسبة الأقلّ إلى الأكثر، لا نسبة التضادّ التي هي محلّ الكلام، كما لو استأجر دابّة لحمل بضاعة وزنها خمسون كيلو غراماً فحمّلها ما يعادل ستّين، فإنّ المستأجر يضمن لا محالة لهذه الزيادة إضافةً على ضمانه للأُجرة المسمّاة، إذ لا موجب لذهاب تلك المنفعة التي هي باقية على ملك المالك هدراً، و قد كانت قابلة لأن يستوفيها المالك من الأوّل بأن يؤاجر الدابّة لحمل الستّين بدلًا عن الخمسين.

و الظاهر أنّه لا خلاف هنا في ضمان اجرة المثل لتلك الزيادة، و لا يقاس ذلك بالمنافع المتضادّة، لعدم كونه منها حسبما عرفت.

و لكن أبا حنيفة خالف في هذه المسألة أيضاً على ما في الفقه على المذاهب الأربعة، بدعوى أنّ المستأجر غاصب في تلك الزيادة، و الغاصب لا يضمن المنافع.

و كيفما كان، فلا ينبغي الشكّ عندنا في الضمان قولًا واحداً حسبما بيّناه.

موسوعة الامام الخوئی، جلد ۳۰، صفحه ۳۱۰

 

 



 نقل مطالب فقط با ذکر منبع مجاز است