جلسه چهل و هشتم ۲۸ آذر ۱۳۹۷


این مورد را ارزیابی کنید
(0 رای‌ها)

قتل در حال مستی

بحث به اینجا رسید که اگر کسی دیگری را در حال مستی بکشد آیا قصاص ثابت است؟ مساله محل ابتلاء است مثل کسانی که در حال مستی رانندگی می‌کنند که منجر به تصادف و کشته شدن دیگری می‌شود آیا این موارد عمد محسوب می‌شود؟ یا اینکه خطای محض است؟ برخی از علماء معتقدند اراده شخص در حال مستی موضوع احکام قرار گرفته است و شخص مست تفاوتی با اشخاص غیر مست در شمول ادله احکام ندارد اما برخی دیگر معتقدند فرد مست با فرد عادی متفاوت است و احکام افراد عادی بر او مترتب نیست. این بحث نه فقط در مساله قصاص بلکه در همه احکام دارای اثر است. مثلا کسی که در وقت نماز مست باشد، آیا مکلف به نماز بوده تا بعدا مکلف به قضاء باشد یا مثل مجنون است که به نماز مکلف نبوده؟ هر چند تسبیب به این حالت عصیانا اتفاق افتاده است اما بعد از اینکه اتفاق افتاد تکلیف ساقط است مثل اینکه کسی کاری کند که دیوانه شود و این کارش حرام است چون جنایت بر نفس است اما بعد از اینکه دیوانه شد مکلف به حکم نیست مثل اینکه زن قبل از دخول وقت نماز کاری کند که حائض شود که بعد از حیض نماز از او ساقط است و از موضوع تکلیف خارج می‌شود.

گفتیم مستی مراتبی دارد و حتما منظور علمایی که فرموده‌اند فرد مست مانند فرد غیر مست است آن مرتبه‌ای نیست باعث سلب اختیار و عدم قصد و اراده می‌شود بلکه بحث در این است که آیا با وجود اختیار و اراده و قصد صرف مستی باعث می‌شود تکلیف ساقط شده باشد مثل جنون. مجنون حتی با تمکن از امتثال تکالیف و وجود اراده و اختیار و قصد باز هم مکلف به احکام نیست و مثل صبی ممیز که با اینکه امتثال تکالیف برای او ممکن است اما باز هم مکلف نیست و گرنه جنون با عدم تمییز بچه یا مستی که به سلب اختیار و قدرت و اراده بیانجامد اصلا محل بحث نیست و تکلیف در این موارد عقلا ممتنع است. پس اصلا اینجا باید در مورد آن مستی صحبت کنیم که به سبب دیگری مثل اغماء یا جنون منجر نشود و لذا اینکه در برخی کلمات اغماء را از مراتب مستی دانسته‌اند اشتباه است و حالت اغماء با حالت مستی متفاوت است هر چند اغماء در اثر مستی رخ داده باشد. مستی حالتی از سرور و خوشحالی است و اغماء یا مرگ از مراتب سرور و خوشحالی نیست. مستی ممکن است به عدم ادراک بیانجامد اما به معنای دیوانگی نیست. جنون عدم قابلیت ادراک است اما مستی عدم قابلیت نیست بلکه عدم ادراک او مثل عدم ادراک فرد خواب یا بیهوش است و لذا عرفا به کسی که بیهوش است یا خواب است دیوانه نمی‌گویند. بنابراین ممکن است مستی به فقد ادراک و عقل بیانجامد اما آن مرتبه از مراتب مستی نیست و بر همین اساس هم محقق فرمود فرد مست به همه احکام محکوم است و این یعنی ایشان مستی را طوری تصویر کرده است که قابلیت تکلیف در او هست.

مستفاد از کلمات علماء این است که سکر غیر از بیهوشی و بی عقلی است، مستی حالتی است که همراه با شعور و ادراک است و اگر فرد به حد بی درکی و بی عقلی برسد، مستی نیست بلکه مستی علت زوال عقل است مثل اینکه مستی به مرگ منتهی بشود که یقینا مرگ از مراتب مستی نیست. خلاصه اینکه از نظر ما مستی به معنای زوال عقل و ادراک نیست هر چند ممکن است به آن منتهی شود.

بنابراین اگر مستی به حدی برسد که عقل فرد را به طور کامل زائل کند به نحوی که از فرد قصد و اختیار و اراده متمشی نشود تکلیف او معنا ندارد و صحت امور قصدی از او معنا ندارد بنابراین اصلا عقد و ایقاع از او محقق نمی‌شود نه اینکه عقد رخ می‌دهد اما صحیح نیست. اما اگر فرد قبل از مستی متوجه این است که اگر مست شود ممکن است به این حد مستی برسد که اختیار و قصد از او سلب شود و تکالیفی از او فوت شود یا قتل از او سر بزند مانع از صدق عمد نخواهد بود و بعدا در مورد این صحبت خواهیم کرد.

اما مستی که گفتیم همان حالت شادی و سرور بیش از حدی است که به زوال عقل منجر نمی‌شود مرحوم محقق می‌فرمایند وجهی برای عدم شمول اطلاقات احکام نسبت به او نداریم و لذا مشمول احکام است پس اگر فرد مست شود، همه تکالیف در حق او ثابت است.

 

 

 

ضمائم:

و حد السكر من الشراب تغير العقل و علامة ذلك أن يستقبح الإنسان ما يستحسنه في حال الصحو و يستحسن ما يستقبحه فيها فإن كان معروفا بالهدي و السكون في حال صحوه فانحرف مع الشراب و خرج من اللهو و البذلة إلى ما لا يعتاد منه في حال الصحو من غير تكلف لذلك فهو سكران. (المقنعة، صفحه ۸۰۰)

 

السكر: سهو أو فتور في الأعضاء مع الطرب و النشاط يلحق الإنسان. (رسائل الشریف المرتضی، جلد ۲، صفحه ۲۷۳)

 

و ما يلحقه من زوال العقل و الإغماء في حال الارتداد على ضربين: أحدهما: أن يكون بفعله من شرب المسكر و البنج أو المرقد و ما أشبه ذلك مما يزيل العقل. فإنه يجب عليه إعادة ما يفوته في تلك الحال و إن كان زوال عقله بشي‌ء من فعل الله مثل الجنون و الإغماء فإنه لا يجب عليه قضاء ما يفوته في تلك الحال (المبسوط، جلد ۱، صفحه ۱۲۸)

 

و أصل السكر سد مجرى الماء فبالسكر تنسد طريق المعرفة (فقه القرآن، جلد ۱، صفحه ۴۴)

 

و الأنبذة المسكرة عندنا في التنجيس كالخمر، لان المسكر خمر فيتناوله حكم الخمر. أما انه خمر لان الخمر انما سمي بذلك لكونه يخمر العقل و يستره فما ساواه في المسمى يساويه في الاسم (المعتبر، جلد ۱، صفحه ۴۲۴)

 

قاعدة- 170 المتناول المغير للعقل، إما أن تغيب معه الحواس الخمس، أو لا، و الأول، هو المرقد. و الثاني، إما أن يحصل معه نشوة و سرور و قوة نفس عند غالب المتناولين له، أولا، و الأول المسكر، و الثاني المفسد للعقل، كالبنج و الشوكران. و النبات المعروف (بالحشيشة) اتفق علماء عصرنا و ما قبله من العصور التي ظهرت فيها على تحريمها. و هل هي لإفسادها، فيعزر فاعلها، أو لإسكارها، فيحد؟

قال بعض العلماء: و هي إلى الإفساد أقرب، لأن فعلها السبات، و زوال العقل بغير عربدة، حتى يصير شاربها أشبه شي‌ء بالبهيمة.

و لقائل أن يقول: لا نسلم أن الحدّ منوط بالعربدة و النشوة، بل يكفي فيه زوال العقل، و قد اشتهر زوال العقل بها، فيترتب عليه الحد. و هو اختيار الفاضل في القواعد. و قد حدّ بعضهم السكر: بأنه اختلال الكلام المنظوم و ظهور السّر المكتوم. و في المشهور أن هذا حاصل فيها. و قال بعضهم: إن أثرها إثارة الخلط الغالب، فصاحب البلغم يحدث له السبات و الصمت؛ و صاحب السوداء: البكاء و الجزع؛ و صاحب الدم: السرور بقدر خياله؛ و صاحب الصفراء: الحدة، بخلاف الخمر فإنها لا تنفك عن النشوة، و تبعد عن البكاء و الصمت.

و هذا إن صحّ فلا ينافي زوال العقل بل هو من مؤكداته.

(القواعد و الفوائد، جلد ۲، صفحه ۷۳)

 

السكر و الجنون و الإغماء و أشباهها من المغيبات للتعقل ... النوم و السكر مغطيان للعقل إجماعا، و الجنون مزيل إجماعا. و هل الإغماء مزيل؟ قيل لا، و الحق كونه مزيلا، لعدم جوازه على الأنبياء عليهم السلام مع النوم عليهم، فالفرق حينئذ بينه و بين الجنون أنه يستلزم تعطيل الحواس‌ و الجنون لا يستلزمه.

(تنقیح الرائع، جلد ۱، صفحه ۶۷)

 

البحث هنا اما في ماهية المسكر و اما في تحريمه و اما في كمية [كيفية ن] الحد فالأول قيل هو ما يحصل معه اختلال الكلام المنظوم و ظهور السر المكتوم، و قيل هو ما يغير العقل و يحصل معه نشوة و سرور و قوة نفس في غالب المتناولين و عربدة.

أما ما يغير العقل لا غير فان حصل معه تغيب الحواس الخمس فهو المرقد و ان لم يحصل فهو مفسد العقل كما في البنج و الشوكران. و اختلف في الحشيشة هل هي مفسدة للعقل فيجب فيها التعزير أو مسكرة فيجب الحد بعد اتفاق علماء العصر و ما قبله على تحريمها. فالذي اختار العلامة في القواعد الثاني، و منع من أن الحد منوط بالنشوة و العربدة بل يكفي فيه زوال العقل. مع أنها مسكرة بالتفسير الأول، لاختلال الكلام و ظهور السر معها.

و قال بعضهم: هي إلى الإفساد أقرب، لأن فعلها السبات و زوال التعقل حتى يصير متناولها أشبه شي‌ء بالبهيمة.

و قال بعضهم ان أثرها اثارة الخلط الغالب، فصاحب البلغم يحصل له السبات و الصمت و صاحب السوداء البكاء و الجزع و صاحب الدم السرور بقدر خياله و صاحب الصفراء الحدة، بخلاف الخمر فإنه لا ينفك عن النشوة و يبعد عن البكاء و الصمت. و هذا ان صح فلا ينافي زوال العقل بل هو من مؤكداته.

(التنقیح الرائع، جلد ۴، صفحه ۳۶۵)

 

و تناول ما يغير العقل غير الحواس أولا أو ما ينوم: ان حصل معه نشوة فهو المسكر، و الا فهو المفسد.

فالأول حرام بالإجماع موجب للحد. و الثاني وقع الاتفاق من علمائنا على تحريمه أيضا كالحشيشة المعروفة بالبنج و الشوكران. و هل تحريمها لا فسادها فيوجب التعزير، أو لإسكارها فيوجب الحد احتمالان. و في نجاستها اشكال.

(الاقطاب الفقهیة، صفحه ۱۵۵)

 

اعلم أن النوم غير مزيل للعقل إجماعا، و إنما يغطّي الحواس الظاهرة و يزيل التمييز و هو أمر طبيعي سريع الزوال فلا يخرج المكلف به عن أهلية التكليف، فإذا وقع في عبادة لا يشترط فيها الطهارة الصغرى لم يبطلها كالصوم و الاعتكاف و الإحرام و السعي و الوقوفين و غيرها، بل الأمر في الصوم أقوى لأنه أمر عدمي و هو الإمساك عن الأمور المخصوصة كما مر تحقيقه. و مثله الإحرام. و هذا بخلاف الجنون و السكر لأنهما يذهبان العقل و يخرجان عن أهلية التكليف، فيبطلان الصوم غيره من العبادات. و أما الإغماء فالأصح أنه بمنزلتهما لأنه يزيل العقل، و لا يبقى في دفعه اختيار فيفسد الصوم أيضا.

(مسالک الافهام، جلد ۲، صفحه ۴۲)

 

و المزيل للعقل و هو الجنون و الإغماء، و في حكمه السكر فإنّه مغطّ للعقل لا مزيل.

و الفرق بين النوم و الإغماء: أنّ النوم مغطّ للعقل خاصة و معطّل للحواس، و الإغماء معطّل لهما، و بتعطيله الحواسّ فارق السكر، و بتغطية السكر على العقل خاصة فارق الجنون.

(المقاصد العلیة، صفحه ۶۶)

 

تنبيه: الفرق بين السكران و المبنج و شارب المرقد‌ تابع للفرق بين خواص المسكرات، فخاصة الخمر النشوة لشاربها و السرور و قوة النفس، و قد يحصل مع ذلك تغير العقل، و اختلال الكلام المنظوم، و ظهور السر المكتوم، و عربدة في الكلام، و خواص البنج تغير العقل لا غير، من غير نشوه و لا سرور و لا قوة نفس مع تعب الحواس، و خاصة المرقد كخاصية البنج و يزيد على ذلك تغير الحواس الخمس بحيث يصير راقدا لا يتحرك منه شي‌ء كالميت، غير أنه فيه نفس. (غایة المرام، جلد ۴، صفحه ۳۸۸)

 

فاعلم أنّ السكر ليس مقصورا فيما ذكره المتأخّرون من أنّه لا يعرف السماء من الأرض،

و أمثال ذلك، بشهادة الأخبار و العرف و اللغة و الاعتبار و قول الأطبّاء.

أمّا الأخبار،

فبما رواه أبو الجارود، عن الباقر عليه السّلام «عن النبيذ، أ خمر هو؟ قال: ما زاد على الترك جودة فهو خمر».

و في توقيع الصاحب عليه السّلام: «إذا كان كثيره يسكر أو يغيّر، فقليله و كثيره حرام».

و ما رواه السكوني عن علي عليه السّلام أنّه اتي بشارب الخمر فاستقرأه، فقرأ القرآن، فألقى رداءه في أردية الناس، فلم يخلّصه فحدّه.

و أمّا العرف،

فيقسّمون السكر إلى مزيل العقل و غير مزيل، و الفقهاء أيضا قسّموا ذلك، منه في تزويج السكران نفسه و ربّما ترى بعض السكرانين حركاتهم و كلماتهم مضبوطة و شعورهم بحالة بحيث يكون الجاهل بحاله يعتقد عدم سكره، لكن تصدر منه اختلالات دقيقة يسيرة، و العارف بحاله يقول: هذا من سكره.

[و أمّا اللغة،]

فقال المفلح: (اختلف الأصحاب في تعريف السكر، قيل: ما يحصل به اختلال الكلام المبطون و ظهور السرّ المكنون، و قيل: هو ما يغيّر العقل و يحصل معه نشوة و سرور و عربدة فإذا حصل مع ذلك تغيير الحواس الخمس فهو المرقد، و المعتمد صدق المسكر بكلّ واحد من هذه الأشياء، فإذا غلا التمر أو الزبيب حتّى [صار] أسفله أعلاه و حصل فيه القوّة المسكرة الّتي تفعل بالمزاج أحد هذه الأشياء حرم، و إلّا فلا).

و قال محقّق في اللغة في ترتيب السكر: (إذا شرب الإنسان فهو نشوان، و إذا دبّ فيه الشراب فهو ثمل، فإذا مرّ عقله فهو سكران، فإذا زاد امتلاء فهو سكران طافح، فإذا كان لا يتماسك و لا يتمالك فهو ملتحّ و ملطخ، و إذا كان لا يعقل شيئا من أمره و لا ينطلق لسانه قيل: سكران [باتّ] .

و قال في باب أوائل الأشياء: (النشوة أوّل السكر).

و في «النهاية»: (الانتشاء أوّل السكر و مقدّماته)

و أمّا الأطبّاء،

فقالوا في مقدار الشرب: ما دام السرور بترديد و الحركات نشيطة و الذهن سليما، فلا تخف من إفراط الشرب.

و أمّا الاعتبار،

فشارب المسكر الّذي يزيل العقل لا يزول عقله دفعة واحدة، بل يحسّ أوّلا بالتغيّر ثمَّ لا يزال يزداد حتّى يذهب، و لا شكّ أنّ هذا التغيّر من جملة السكر و أوّل درجته الضعيفة، و لا شكّ أنّ الشارع لا يرضى بهذا أيضا.

ثمَّ التغيّر السكري كما يتفاوت درجاته بتفاوت الأزمنة، كذا يتفاوت بتفاوت الكمّية و المقادير، فإنّ الفنجان منه يحدث تغيّرا بحسب مقداره، فما زاد على هذا المقدار فيزداد بحسب ازدياده، و كذا يتفاوت بتفاوت الكيفيّة، فالخمر الردي‌ء- عند الشاربين- يحدث سكرا ضعيفا، فكلّما يكون أردأ فيكون السكر أضعف، و كلّما يكون أجود يكون السكر أزيد و أشدّ على تفاوت المراتب، و كذا يتفاوت سرعة و بطء.

و أيضا، مزاج العنب لا ينقلب إلى مزاج الخمر دفعة واحدة، و التغيّر منه إليه لا يحصل بتمامه و كماله في آن واحد، بل أوّلا يستعدّ لعروض شي‌ء من الحالة الخمريّة و بعده يحدث فيه من أثر الخمريّة- أثر ضعيف لا يشعر به إلّا الحذّاق الماهرين في فنّ السكر- ثمَّ لا [يزال] يزداد الأثر و يتقوّى إلى أن يزول المزاج العنبي و خاصّياته بالمرّة و يكمل المراج الخمري و خاصّياتها، ثمَّ لا يزال يزداد جودة إلى أن [يبلغ] درجة الكمال، هذا الشرب الريحاني، فإذا [أرادوا] أن يجعلوه شرابا آخر يدخلون فيه أدوية أخر و مغيّرات و مشدّدات.

فعلى هذا القول، لا مانع من أن يكون بالغليان و النشيش ما يحدث فيه الدرجة الضعيفة من السكر، يعني شيئا ضعيفا من أثره و إن لم يكن يسمّى في العرف خمرا و لم يجعل داخلا في جنسه، و يكون الشارع حرّم هذا لكونه درجة من درجات السكر و مرتبة من مراتبه و إن كانت ضعيفة غاية الضعف بحيث لا يحسّ به إلّا الحذّاق الماهرين في الفنّ، كيف و هو حرّم القطرة و الذرّة- على حسب ما أشرنا إليه- مع عدم سكر أصلا حسما لمادّة الفساد؟! فإن قلت: القطرة و الذرّة خمر لغة و عرفا، و ما ذكرت و احتملت من الأثر فلا يصدق عليه السكر عرفا، و المناط هو العرف و اللغة.

قلت: العرف مناط إذا لم يظهر من الشرع اصطلاح، كما هو المقرّر، و قد ظهر منه ما ظهر، و الفقهاء القدماء الخبيرون الفاضلون المعاصرون الشاهدون السالمون من الشبهات و الاجتهادات فهموا ما فهموا، و أفتوا بما أفتوا، و أجروا جميع أحكام الخمر ما أجروا، و الرواة حين سألوا عن بدء تحريم الخمر و اتّخاذه فأجيبوا بحكاية الثلث و الثلاثين فقط، من دون تعرّض إلى أمر آخر، فسكتوا بمجرّد ذلك و قنعوا من دون تأمّل و لا تحيّر و لا تزال. إلى غير ذلك ممّا أشرنا إليه.

على أنّه غير خفي أنّ المناط في المقام ليس الصدق العرفي، بل ما هو أثر الخمر و عاقبتها و إن كان أثرا ضعيفا، و أدنى عاقبة منها، بل و لو على سبيل الاحتمال أيضا، كما عرفت مفصّلا.

ألا ترى أنّ الطبيب إذا قال لمريض: يضرّك و يهلكك الخلّ و الأشياء‌ الحامضة و كلّ حموضة و إن كان أدنى حموضة، يحترز المريض البتّة من العنب و الرطب، و غيرهما من الثمرات الحلوة، و الطبيخات و النقيعات و الأشربة، و غير ذلك إذا حدث فيها حموضة ما بزيادة مكث أو حرارة هواء، و إن كان أدنى حموضة، و إن لم يصدق عليها أنّها خلّ و لا يصدق عليها أنّها حامضة، من كون حموضتها في غاية الضعف، و الحلاوة و غيرها في غاية القوّة، اللّهم إلّا أن يقول الطبيب: إنّ الحلاوة تجرّ ضدّ الحموضة فلا بأس بالشرب، فلو صرّح بعدم الجرّ و بقاء الضرر فلا شكّ أنّه يحترز مثله و لا يلاحظ الصدق العرفي.

و غير خفي على المطّلع بالأخبار و التشديدات و المضايقات الشرعيّة بالنسبة إلى السكر- على حسب ما نبّهنا عليه- أنّ السكر بأيّ درجة يكون لا يجبره شي‌ء.

هذا، مضافا إلى أنّه ما وجدنا من جرّب جميع الأمزجة فوجد أنّه لا يحدث في مزاج من الأمزجة درجة ضعيفة من السكر و لو بالإفراط من الشرب، بل ما الكلّ المنجرّ في الجملة يتغيّر الدراكة، فلا عجب من أن يكون بإفراط الشرب هنا يتغيّر الدراكة، و يكون هذا من باب النشو و الخمار، و الأوّل من باب التجار.

و الحاصل، أنّ بعد صدور ما صدر من الشارع و الفقهاء القدماء و رواه الأحاديث على التفصيل الّذي نبّهنا [عليه] لا وجه لدعوى الضرورة، سيّما مع عدم تجربة الأمزجة، و كون السكر متفاوت الدرجة، و غير ذلك.

(الرسائل الفقهیة للوحید البهبهانی، صفحه ۱۰۱)

 

الفصل الرابع في بيان حدّ المسكر و هو على قول: ما يحصل معه اختلال الكلام المنظوم، و ظهور السرّ المكتوم. و على آخر: ما يغيّر العقل، و يحصل معه سرور و قوّة النفس في غالب المتناولين. أمّا ما يغيّر العقل لا غير فهو المرقد إن حصل معه تغيّب الحواس الخمس، و إلّا فهو المفسد للعقل، كما في البَنج و الشوكران

(ریاض المسائل، جلد ۱۶، صفحه ۶۴)

 

الباب الرابع في حد المسكر الذي يرجع فيه إلى العرف كغيره من الألفاظ و إن قيل هو ما يحصل معه اختلال الكلام المنظوم و ظهور السر المكتوم أو ما يغير العقل و يحصل معه سرور و قوة النفس في غالب المتناولين، أما ما يغير العقل لا غير فهو المرقد إن حصل معه تغيب الحواس الخمس، و إلا فهو المفسد للعقل كما في البنج و الشوكران، و لكن التحقيق ما عرفته، فإنه الفارق بينه و بين المرقد و المخدر و نحوهما مما لا يعد مسكرا عرفا. و أما الفقاع فقد مر البحث في موضوعه مكررا.

(جواهر الکلام، جلد ۴۱، صفحه ۴۴۹)

 

 

المقالة العاشرة [في بيان حقيقة السكر]

اعلم ان أغلب كتب اللغة التي وقفنا عليها خالية عن ذكر حقيقة السكر و إيضاحه، بل ذكر بعضهم انه تغطية العقل و نحوه مما يصدق على المرقد، و اقتصر كثير منهم على ان السكر نقيض الصحو، كما في (أساس البلاغة) للزمخشري و (المصباح) للفيومى و (القاموس) للفيروزآبادى و مثلها (لسان العرب) لابن منظور الإفريقي، مع انه أعظم كتب اللغة و اوعيها حيث جمع فيه بين (الصحاح) للجوهري و (حاشيته) لابن بري و (التهذيب) للأزهري و (المحكم) لابن سدة و (الجمهرة) لابن دريد و (النهاية) لابن الأثير و (غير ذلك) ما زاد على ان قال السكر نقيض الصحو، و عن (مفردات) انه حالة تعترض بين الإنسان و عقله و قريب منه ما في (المصباح) و (المجمع) قالا: أسكره الشراب: أزال عقله (و عن أبى حنيفة) ان السكر هو ان لا يعرف السماء من الأرض و لا المرأة من الرجل، و هو الذي حكاه الوحيد المجدد البهبهاني فيما سيأتي من كلامه عن بعض المتأخرين، (و المحكي عن أكثر الحنفية) ان السكران هو الذي يهتدي و يخلط كلامه غالبا فان كان نصفه مستقيما فليس بسكران لانه السكران في العرف (و قريب منه) ما عن الشافعي و احمد من ان حد السكر ان يخلط في كلامه على خلاف عادته (و عن مالك) حده أن يستوي الحسن و القبح عنده، و جمع بعض محققيهم بين هذه الأقوال بأن الكل من مراتب السكر (و اخفيها) ما عن مالك ثم ما عن الشافعي «و أشدها» ما عن أبي حنيفة، و ذكر ان بعضهم تورع في إقامة الحد إذا لم يصل الى أعلى الحالات و ان قل تورعه من جهة الغيرة على انتهاك محارم اللّه، و بعضهم تورع و اقام الحد بوجود ادنى الصفات و ان قل تورعه من جهة احترام ذلك‌ المسلم الشارب للمسكر و «في الجواهر» انه يرجع فيه الى العرف كغيره من الألفاظ و ان قيل هو ما يحصل معه اختلال الكلام المنظوم و ظهور السر المكتوم أو ما يغير العقل و يحصل معه سرور و قوة نفس في غالب المتناولين (اما) ما يغير العقل لا غير فهو المرقد ان حصل معه تغيب الحواس الخمس و الا فهو المفسد للعقل كالبنج و الشوكران و لكن التحقيق ما عرفته فإنه الفارق بينه و بين المرقد و المخدر و نحوهما مما لا يعد مسكرا «انتهى» و لا يخفى ان العرف الذي هو طريق استكشاف اللغة لا يراد به الأعرف المتحاورين بتلك اللغة و الانصاف أن المتحاورين باللغة العربية مضطربون في إطلاق السكر و استعمال السكر ان و المسكر فربما لا يطلقونه على الأفيون و قد اجمع حذاق الأطباء و أهل المعرفة بقوي الأدوية و خواصها على انه مسكر بل مفرط في الإسكار فإنهم بعد ان ذكروا شطرا من المسكرات كجوز الطيب، و العود الهندي، و الشيلم و ورق القنب، و بذره، قالوا: و اما البنج و الشوكران و اللفاح و الأفيون فمفرط في الإسكار و لا شك في ان أرباب الكتب المؤلفة بالعربية في الطب عارفون بدقائق موارد الاستعمالات كما لا يخفى على من راجع كتبهم و شاهد موارد إطلاقاتهم، كما ان من الواضح انهم لا يريدون بقولهم (ان كذا أسكر) إلا معناه كقولهم حار، و رطب، و بارد، و ملين، و مسهل، و قابض، و رادع، الا ان جملة من أهل العرف ربما يخالفونهم في كون الأفيون مسكرا، و كذلك تريهم مختلفين قديما و حديثا في ان الحشيشة المعروفة مسكرة أولا (فعن كثير من الفقهاء) و أهل العرف انها مخدرة و ليست بمسكرة، و عن كثير منهم انها مسكرة، و مثله الخلاف في جوزة الطيب بل الشيكران و مثلهما الكفة و القات و كأنهما نوع خاص من البنج أو قريبان اليه و قد وقع فيهما خلف شديد بين الأواخر حتى كتب علماء صنعاء و زبيد في تحريمهما و تحليلهما كتبا و رسائل، فمنهم من اقام حججا و دلائل على انها مسكرة، و منهم من اقام على خلافه شواهد متكثرة، و من الواضح ان أهل الحجاز و اليمن و صنعاء و زبيد من أهل المعرفة باللغة العربية و متحاورون بها‌ و إليهم يرجع في استكشاف المعاني اللغوية الا ان يقال ان اختلافهم فيهما من جهة الاختلاف في خواصهما و ما يترتب عليهما كما يظهر من (ابن حجر المكي) في رسالته التي سماها (تحذير الثقات من أكل الكفة و القات) قال: انى تصفحت تلك الكتب و الرسائل فإذا هي متسعة الفجاج، قوية الحجاج، محكمة الاطناب، سانحة الاطناب، شامخة الذرى، رافضة المري، رافلة في حلل الإتقان، واضحة الدلالة و البرهان، و حكى فيها عن جماعة ممن يتعاطى استعمال القات انهم لا يثبتون له الا نشاطا و روحة، و طيب وقت و تقوية، و انه ليس بمغيب للعقل و لا مسكر و لا مخدر للبدن (و عن جماعة) إثبات الإسكار و التخدير و تغطية العقل و دوران الرأس له (و عن جماعة) انه ان انضم لاكله دسومة لم يؤثر و الا أثر و بالجملة فالذي إرادة أن احالة حقيقة الإسكار إلى العرف مع قطع النظر عما يأتي مما لا يفيد إلا الإبهام و الاجمال في المصاديق المشتبهة و الموارد المشكوكة و ليس عندي بعد الغور و التفتيش و الفحص كلام اولى من ان يقال: ان الإسكار قد يطلق على تغطية العقل، و هذا إطلاق أعم، و قد يطلق على تغطية العقل مع نشاط و طرب و عربدة بمعنى ما من شأنه ان يكون (كك) (و الأول) يتحقق في ضمن المسكرات الباردة اليابسة كالأفيون، و البنج، و الحشيشة، و الشوكران، و اللفاح، (و الثاني) يتحقق في ضمن المسكر الحار الرطب كالخمر و النبيذ فإنه من شأنه ان يغطى عقل شاربه مع نشاط و طرب و عربدة و حمية و غضب بخلاف الأول فإنه من شأنه أن يولد مع التغطية أضداد ذلك من تخدير البدن و فتوره و من طول السكوت و النوم و عدم الحمية بل تقليل شهوة الغذاه و الباه و يبس الأمعاء و المعدة و بردها و كلا القسمين مغط للعقل، (و لذا) اجمع الأطباء و الحذاق العارفون بالخواص على عدا القسمين من المسكر يريدون به المعنى الذي هو أعم و بينه و بين المخدرة عموم مطلق فكل مخدر مسكر، و لا عكس.

[قضية ابن بيطار الطبيب]

و عليه يحمل قول ابن البيطار ان الحشيشة تسكر جدا و كان علّامة زمنه في معرفة الأعشاب و النبات يرجع إليه في ذلك محققوا الأطباء قالوا: و قد امتحنه بعض معاصريه عند السلطان‌ بقضية عجيبة أوجبت زيادة مكانته الا ان الظاهر ان الأدلة الدالة على تحريم المسكر قليله و كثيره يراد به المعنى الأخص الذي هو المعروف المتبادر منه عند الإطلاق عند أهل العرف و هو الذي يحصل من الخمر و النبيذ بل صرح غير واحد من أئمة اللغة ان السكر لا يطلق غالبا الا على الحاصلة من شرب الخمر و النبيذ و في (لسان العرب) و (تاج العروس) ان أكثر ما يستعمل لفظ السكر في الشراب المسكر،

[دفع إشكال علمي في الأفيون]

و على هذا يسهل الجواب عن اشكال يخطر كثيرا بالبال في أكل القليل من الأفيون حيث انه مسكر باتفاق الأطباء و أهل المعرفة بالخواص و تواترت النصوص بان ما أسكر كثيره فقليله حرام فينتج ان القليل منه و ان لم يحصل منه تغير في المزاج حرام، (فيجاب عنه) بأنه بعد ما ثبت غلبة استعمال السكر بنص اللغويين فيما يحصل من الشراب المسكر و ثبت تبادر المعنى الأخص عند أهل العرف إذا أطلق، نقول بحلية أكل القليل من الأفيون الغير المغير للعقل منه كما جرت عليه السيرة فإنه ينبغي ان يعد من المرقد أو المخدر كالشوكران و اللفاح و ليس من المسكر الذي يحرم قليله و ان لم يسكر بل تدور الحرمة مدار حصول صفة الارقاد و شرب المقدار الذي مرقد، و يغطى العقل و ما حرم قليله‌ و كثيره هو ما حرم بعينه كالمسكر بالمعنى الأخص فيحرم و ان لم يسكر شاربه، و حاله في هذا المعنى اعنى تحريم القليل و الكثير كحال لحم الخنزير، و هذا هو تحقيق المقام و ان خفي على كثير من الاعلام و لا يضرنا إجماع الأطباء على عدها من المسكر فإنهم لا يريدون بالمسكر الا ما يغطى العقل و إن كان في ضمن الارقاد و الإغماء و التخدير و انما يرجع إليهم في معرفة خواص الأدوية و الأعشاب و العقاقير لكونهم أهل الخبرة بها، لا في معرفة ما يراد من موضوعات الاحكام، و ما أنيط به الحلال و الحرام، و ما قصد بالألفاظ الواقعة في الكتاب و السنة، و فائدة قولنا: ان المسكر ما من شأنه ان يغطى العقل مع نشاط و حمية و ان المرقد ما من شأنه أن يغطيه مع تخدير و تنويم، مما لا يخفى على المتفطن الفهيم، ثم ان الحكم بالاسكار بهذا المعنى في بعض المصاديق المشتبهة المشكوكة يحتاج اما الى توقيف شرعي أو الى تكرر من الاستعمال مع اعتدال المزاج و الزمان و المكان و عدم سبق مانع و لا لحوقه حتى يحصل الجزم بوجود أول درجات الإسكار فيه أو عدمه، و نقل ابن حجر المكي في الرسالة المتقدم ذكرها عن بعض أفاضل الأطباء انه حكم بتعذر التجربة في الكفة و القات في مثل المكة و اليمن بان التجربة تستدعي مزاجا و زمانا و مكانا معتدلات و عدالة المجرب لانه يخبر عما وجده من ذلك النبات و ذلك كله متعذر في هذه الأقاليم لأنها غير معتدلة، و وجود عدل يقدم على هذا النبات المجهول مستبعد، و به يندفع ما قد يقال: (ان دعوى كون غليان العصير بغير النار ملازما للإسكار دعوى في أمر عادى يكذبها الحس و العيان و شاهد الوجدان و لو كان بينهما تلازم لما وقع هذا النزاع العظيم و التشاجر القديم و لما كان وجه لإلحاقه بالمسكرات عند من يحرمه أو ينجسه، بل كان من افرادها الحقيقية) الا انه يزيد فساده تذكر ما مر من الشواهد العقلية الباهرة و الحجج النقلية الفاخرة الظاهرة من موثقة عمار و الاخبار المتواترة و تصرفات أساطين الفرقة الحقة و دعائم الأئمة المحقة الكافي بعضها فضلا عن كلها في إثبات أن الإسكار و الغليان بنفسه بينهما ملازمة (مضافا) الى انه قد كفانا‌ مؤنة الجواب عن هذه الشبهة و القدح في هذه الوسوسة، المحقق المجدد الوحيد البهبهاني (أعلى اللّه درجته) من ان الذي يحكم الوجدان بانتفائه هو السكر بالمعنى الذي عرفه بعض المتأخرين، و هو ان لا يعرف السماء من الأرض و الطول من العرض لكن قصر السكر في هذا المعنى مخالف للعرف و اللغة و الحديث و الاعتبار، إذ ربما لا يختل عقل بعض المتعودين للشرب و كلماتهم مضبوطة، و حركاتهم منتظمة، قلما يصدر عنهم شائبة اختلال و مع هذا إذا صدر عنهم كلام غير منظوم حكم أهل العرف بان هذا من سكره؛

[في مراتب السكر]

و أيضا الخمور سكرها متفاوت جدا شدة و ضعفا بحسب الرقة و الغلظة و الحداثة و العتاقة بل بعض الخمور الردية عند الشاربين له سكر في غاية الضعف (و ذكر أئمة اللغة و الأدب) كالثعالبى و غيره في ترتيب السكر انه إذا شرب الإنسان فهو نشوان فإذا أدب فيه الشراب فهو ثمل فإذا أخذ من عقله فهو سكران فإذا زاد امتلاء فهو سكران طافح فإذا كان لا يتماسك و لا يتمالك فهو ملتخ و ملطخ فإذا كان لا يعقل شيئا من امره و لا ينطلق لسانه فهو سكر ان بات قيل ما يبت من المجرد و ما يبت من المزيد و ذكروا في أوائل الأشياء ان النشو أول السكر، (و في لسان العرب) و (النهاية الأثيرية) ان في حديث شارب الخمر ان انتشى لم تقبل صلوته أربعين يوما قال: الانتشاء أول السكر أو مقدماته و في مجمع البحرين أيضا الانتشاء أول السكر أو مقدماته.

ثم ان الاحكام الشرعية معلقة على السكر و إن كان أول درجاته كما يفصح عنه صحيحة أبي الصباح الكناني عن ابى عبد اللّه (ع) قال: (كان النبي إذا اتى بشارب الخمر ضربه فان اتى به ثانية ضربه فان اتى به ثالثة ضرب عنقه قلت فالنبيذ قال إذا أخذ شاربه قد انتشى ضرب ثمانين) (الحديث) فجعل حد الخمر مرتبا على الانتشاء الذي صرح اللغويون بأنه أول درجات السكر، (و في توقيع الحجة سلام اللّه عليه) المروي في الاحتجاج (إذا كان كثيره يسكر‌ أو يغير فقليله و كثيره حرام) دل على ان ادنى تغير من عالم السكر يكفى لكونه مسكرا و اما الاعتبار فهو شاهد على ما ظهر من اللغة، و ذكر حذاق الأطباء إن السكر هو تشويش الروح الذي في الدماغ، ثم انه من الذي جرب فوجد ان كثير العنب المغلي بنفسه لا يسكر أصلا؟ و لو شهد احد بنفيه في حال اجتماعه لشرائط قبول الشهادة فلعله لم يسكر في مزاجه و يسكر في مزاج غيره أو أسكره سكرا ضعيفا فلم يتفطن، فان التغير السكرى يتفاوت بحسب الأمزجة و الأهوية و الأمكنة شدة و سرعة و بطؤ و بحسب قوة الدماغ و ضعفه، و غير ذلك، مثل ان كان مسبوقا أو ملحوقا بأكل شي‌ء أو شربه بما يمنع عن السكر،

[كلام للاطباء]

و ذكر الأطباء الحذاق المهرة ان قوة الدماغ و ضعفه يعلم بسرعة السكر و بطؤه، فان الدماغ إذا كان ضعيفا كان قبوله للأبخرة الشرابية كثيرا فيضطرب و يتشوش حركاته بحرارة تلك الأبخرة و مزاحمتها له في المكان و يحدث فيه من غلظ الروح و كدورته بحسب مخالطة تلك الأبخرة أكثر ما يحدث فيه من الصفاء و اللطافة بحرارته، مع ان الدماغ الضعيف يكون عاجزا عن هضم غذائه فيكثر فيه لذلك رطوبات فضلية و حرارة الشراب تحركها و تبخرها فتصير تلك الأبخرة معاونة لأبخرة الشراب في تغليظ الروح و مزاحمته فيكون اضطرابه و تشويشه في الحركات أكثر، ثم نقول انه من المعلوم ان مزاج الخمر و حالتها مخالف لمزاج العنب و حالته و لا يتبدل عن الحالة الاولى إلى الحالة الثانية دفعة بل يحدث شيئا فشيئا على التدريج حتى تزول الحالة الاولى و تكمل الثانية، مع ان الثانية أيضا درجاته متفاوتة كما أشرنا اليه و أول درجة الانتقال إلى الإسكار لا يكاد يشعر به الا الحذاق المهرة المعتدلى المزاج و لا يظهر إلا بإكثار الشرب، إذ المعتبر إسكار كثيره لا (مطلقا) و هذا كله أو بعضه هو السر لإنكار بعضهم لإسكاره، و إلحاق آخر له بالمسكرات تنبيها على ان السكر فيه خفي، و إلحاق الأفراد الخفية المشتبهة بالمصاديق الواضحة البينة أمر متعارف عند أرباب الفنون‌ و لو أراد غير ذلك كان ممنوعا عليه أشد منع كما عرفت منا مرارا، و ليعلم ان الوحيد البهبهاني و إن كان في أغلب كلماته مصرا على كون الغليان بقسميه موجبا للإسكار و لو خفيا، إلا انك قد عرفت بما أوضحنا لك مرارا فساد هذه الدعوى في الغليان بالنار، و لم يدعه احد قبله و ان ادعوا في قسميه انه ملازم له كما أسمعناك عباراتهم سابقا و أقمنا عليه الشواهد، و لو كان الغليان بالنار مفيدا للإسكار لم يفد زيادة الغليان ازالته و إذهابه و كيف يكون الموجب للشي‌ء المقتضي له مانعا عنه؟ أم كيف يكون تثخين المسكر و تغليظه محللا مطهرا؟

و ربما يستشهد في الرد عليه كما في الحدائق بحديث وفد اليمن، قال: لو كان الأمر كما توهمه (يعنى الوحيد) لم يكن لسؤال النبي (ص) عن الإسكار معنى فان الرجل قد ذكر في حكايته في صفة النبيذ انه غلى مرتين و في الغلية الثانية وضع فيه العكر و لو كان السكر يحصل بمجرد الغليان لحرم رسول اللّه (ص) بمجرد الغليان الأول، قال:

و بالجملة فالحديث المذكور واضح الظهور، ساطع النور، الا على من اعترى فهمه و ذهنه نوع فتور و قصور.

أقول لو لا اسائة الأدب لقلنا ما ذكره عليه فان سؤال النبي (ص) عن الإسكار لو كان دالا على عدم حصوله بالغليان لكان دالا على عدم حصوله بعد ما هدر و غلى و سكن على عكره أيضا حيث انهم ذكروا هذه الأمور أيضا في السؤال كما اعترف مع ان كون مثله مسكرا من اليقينيات و لذا أخبر الوفد بعد سؤاله عن الإسكار بأنه مسكر فمن تخيل أن سؤاله «ص» عنه مبنى على انه كان يرى عدم الإسكار بعد العكر و الهدر و الغلى كان كنسبة الجهل المركب اليه (ص) في الأمور الواضحة و العياذ باللّه.

«ثم» على هذا التخييل اى وجه لسؤاله ثانيا عن الوفد الذين رجعوا و وصفوا كما وصف من قبلهم عن الإسكار؟ مع ان الأولين أخبروه به، بل هذا كله مبنى على ما ذكرنا سابقا من ان الغليان بنفسه أو بالنار من حيث هو ليس موضوعا للحكم بل موضوعه و مناطه‌ و ملاكه هو الأمر اللازم معه فأراد (ص) تنبيههم عليه، و ان التحريم يدور مدار الإسكار حصلت هذه المقدمات أم لم تحصل، صفى أم لا، وضع فيه العكر أم لا، غلى مرتين أم لا.

و بالجملة فمدعاه من عدم ملازمة الإسكار لمطلق الغليان و ان كان حقا بالنسبة الى ما كان بالنار الا ان الاستشهاد في غير محله كما ان ما ذكره أيضا من ان عامة الناس في جميع الأقطار يطبخون الأطعمة بعصير التمر و الدبس بل يطبخونها خاصة و يأكلونها و لم يدع احد منهم حصول الإسكار حق أيضا و إن كان ذكر الدبس في المقام لغوا و عليك بالتأمل و النظر المحدق، و اللّه هو المعين و الموفق، و قد أودعت من الفوائد النفيسة في هذه المقالة، ما لا تكاد تظفر بها في غير هذه الرسالة

(إفاضة القدير في أحكام العصير، ص: ۶۴)

 

المرجع في تعيين السكر و تشخيص المسكر إلى العرف و ليس له في الشرع معنى خاص و هو عند العرف جلي واضح فانه حالة يختل معها نظام العقل غالبا و لا يزول بالكلية كالجنون و لا يتعطل تماما مع سلامته كالاغماء و النوم

(سوال و جواب، محمد حسین کاشف الغطاء، صفحه ۱۰)



 نقل مطالب فقط با ذکر منبع مجاز است