الواجب التخییری (۴ جمادي الاولی ۱۴۴۴)

بحثنا في تقرير الواجب التّخييريّ على أساس الواجب المشروط وإشكالاته، حيث طرح ثلاثة إشكالات وقد عمل على دفعها السّيّد الصّدر.

كان الإشكال الثّاني هو أنّ الواجب المشروط خلاف الظّاهر، إذ ظاهر الواجب التّخييريّ كونه واجبًا واحدًا ولا تعدّد في الوجوبات. ونضيف على إشكالنا على الإشكال أنّنا لا نرى تصوير الواجب التخييريّ على أساس الواجب المشروط خلاف الظّاهر. فالفرض وجود ملاكات متباينة في كلّ الأطراف والقول بتعلّق الوجوب الواحد بالجامع بحيث تصير الأفراد مصاديق هو خلف المفروض إذ يرجع إلى الّتخيير العقليّ، والحال أنّ التّخيير الشّرعيّ يرتبط بكل فرد بخصوصيّته لأجل ملاك خاصّ بكلّ خصلة. وليس تفسير الواجب التّخييريّ على الواجب المشروط إلّا قولًا بوجود وجوبين عدلين لا يجب الجمع بينهما ووجوب كلّ منهما مشروط بعدم الاتيان بالآخر، وليس هذا على خلاف الظّاهر.

وأمّا الإشكال الثّالث: أنّ لازم الواجب المشروط هو إمّا وجوب الجمع بين الخصال وإمّا عدم جواز الجمع بحيث متى جمع يجب عليه الاستئناف؛ وهذا لازم باطل فيبطل القول بكون الوجوب التّخييريّ وجوبا مشروطًا.

فإذا كان تزاحم الملاكات واقعًا حال التّناوب، وجب على المكلّف الاتيان بالأطراف دفعة واحدة حتّى لا يفوته الملاك الإلزاميّ بواسطة التّدريج، وهذا خلف الوجوب التّخييريّ. وأمّا إذا كان التّزاحم بين الملاكات يشمل ما لو وقعا دفعة واحدة، فهذا يعني عدم صحّة الجمع دفعة واحدة. وهذا خلاف الضّرورة الفقهيّة.

ودفع ذلك السيد الصدر بذكره موردين:

قد تتزاحم الملاكات سواء حال التّعاقب أو حال الاتيان بالفعلين في عرض واحد لكن مع ذلك يكون أحدهما ذا ملاك فعلًا بحيث ما أُتي به أوّلًا كان به الكفاية ويكون الثّاني المأتيّ به عقبه ملغيًّا وكذا الأمر في حال كونهما في عرض واحد، فأحدهما هو ذو الملاك والثّاني لا ملاك له أصلًا. فما تحقّق أوّلًا منع استيفاء الثّاني حال التّعاقب وأحدهما ذو ملاك حال كونهما في عرض واحد.

وقد تتزاحم الملاكات على نحو إذا جيء بهما في عرض واحد لم يلزم من ذلك تعطيل أحدهما للآخر فضلًا عن تعطّلهما معًا بل يتناقصان على مستوى الملاك فيصير كلّ واحد من الفعلين مؤمّنًا لجزء من ملاكه الإلزاميّ كنصف بنصف ويتحقّق بهما الامتثال. وعلى هذا لا يجب الجمع وإن كان جائزًا بحيث يتحصّل منهما ملاك واحد هو مجموع ما يؤمّنه كلّ منهما. كما لو غرق أربعة أشخاص اثنان منهما في الشّرق واثنان في الغرب ولا يمكن للمكلّف الجمع بين امتثال الأربعة لكن يمكنه إنقاذ اثنين فله أن ينقذ واحدًا من الشّرق وواحدًا من الغرب؛ كما أنّه له إنقاذ الشّرقيّين أو الغربيّين.

فيكون قد حصل جمع بين الملاكين، لكن تدافع نصف الملاك مع نصف الملاك الآخر.

وفي الجواب على ذلك ذكر شيخنا الأستاذ أنّ هذا التّصوير ممكن ثبوتًا لكنّه لا يجيب عن إشكال السّيّد الخوئيّ. إذا ما قاله هو أنّه من المسلّم فقهيًّا أنّ من جاء بالعدلين جمعًا قد حصل منه الامتثال وحصّل زيادة وهي تحقيق الملاك الآخر، أي كلّ من الفعلين المأتيّ بهما قد حصلا وحصل معهما ملاكهما لا نصف ملاك من كلّ طرف. فالمرتكز هو عدم وجوب الجمع بين طرفي الواجب التّخييريّ لكن لو أتى بهما معًا فقد فعل فعلًا حسنًا واستوفى ملاكًا إضافيًّا زائدًا على ما وجب عليه ولا دليل على استحباب الآخر ليقال أحدهما وقع واجبًا والآخر مستحبًّا.

برچسب ها: الواجب التخييري

چاپ

 نقل مطالب فقط با ذکر منبع مجاز است