الواجب التخییری (۵ جمادي الاولی ۱۴۴۴)

كان كلامنا في بيان مراد الشّيخ الآخوند من الواجب التخييريّ ولكن حيث جعل البعض بيانه مساوقًا للواجب المشروط عمدنا إلى بيان ذلك والإشكالات.

ذكر الشّيخ الآخوند أنّه حيث يكون الغرض واحدًا يكون التخيير عقليًّا، لأنّ الواحد لا يصدر إلا من واحد وحيث كان هناك ملاك واحد وكان ظاهر الدليل تعلقه بأفراد وخصال كان لا بد من القول برجوع تلك جميعًا الى جامع. وأمّا حيث يكون الغرض متعدّدًا وهي من قبيل الأغراض التي لا يمكن جمعها في الاستيفاء يكون التخيير شرعيًّا.

وأمّا حقيقة هذا الوجوب التّخييريّ فأنّه نحو ما من الوجوب الّذي يكشف عنه تبعاته وآثاره. وما هي تبعاته :جواز تركه إلى بدل وترتّب الثّواب بفعل واحد منهما والعقاب على ترك الكلّ.

وهذا قد مرّ والإشكال المتّجه على هذا الكلام هو أنّه خصّص التّخيير الشرعي حيث تكون الملاكات متعدّدة مع أنّه يمكن القول بالجامع الانتزاعيّ بحيث يكون الغرض واحدًا ولا مكان لتطبيق قاعدة الواحد في موردها. فما هو متعقّل من قاعدة الواحد هو امتناع توارد علل متعدّدة على معلول واحد أي لا يمكن أن تؤثّر علّة تامّة منضمّة إلى علّة تامّة أخرى في معلول واحد بحيث يصير مجموع العلّتين مؤثّرًا في المعلول. لكن لا موجب عقليّ لأن لا يكون الواحد بالنّوع معلولًا لماهيّات متعدّدة ولا يحكم العقل بمثل ذلك. نعم لا بدّ من سنخيّة في البين حتّى يحصل التّأثير كما بين الحرارة والنّار لكن هذه السّنخيّة كما تقع بين شيئين قد تقع بين أشياء وشيء واحد أيضًا بالوحدة النّوعيّة. وعلى هذا يصحّ تصوّر الوجوب التّخييريّ في مورد الغرض الواحد كما يُتصوّر في مورد الأغراض المتعدّدة. وذلك بالقول بأنّ الجامع الانتزاعيّ متعلّق للحكم بحيث تكون الأفراد بخصوصيّتها محقّقة للغرض.

وتحقيق في أيّ الموارد يكون الغرض واحدًا وفي أيّها يكون متعدّدًا ليس مهمًّا الآن والحال أنّ المحقّق الآخوند يقبل بكون ظاهر الأدلّة هو تعلّق الوجوب الأشياء بوصف تعدّدها وتباينها، وقد جعل ذلك علامة كون الغرض متعدّدًا.

ونعتقد جزمًا بأنّه ليس الواجب المشروط مقصودًا للشّيخ الآخوند وهذا ظاهر من خلال عبارته.

ولا منافاة بين ما ذكره من تمانع بين الملاكات في مقام الجمع الطّوليّ والعرضيّ في مقام الاستيفاء وبين المرتكز الفقهيّ بحيث لو أتى بالمكلّف بجميع الخصال دفعة واحدة يكون قد استوفى أكثر من ملاك تامّ، وذلك أنّ الشّيخ الآخوند ذهب إلى عدم إمكان استيفاء الأغراض التّامّة المتعدّدة ولم يذهب إلى أنّه يتحقّق غرض بنحو تامّ فيما يتحقّق الباقي بنحو غير تامّ.

وينتهي بنا الكلام إلى البيان الثّاني وهو الوجوب النّاقص الّذي نظّر له المحقّق العراقيّ عقيب التّرتّب وكنّا بيّناه وهو قد ذكره في عدّة مواضع في الترتب وفي تعلّق الأمر بالطبيعة والفرد وفي الواجب التّخييريّ وكذا في الواجب الكفائيّ، ولعله ذكر ذلك في الواجب الموسّع.

ولم يفهمه كثير من العلماء وقالوا بأنّه يرجع إلى الواجب المشروط، والحقّ أنّه كلام آخر كما مرّ سابقًا وقد صرّح بتوجيه الواجب التّخييريّ بالوجوب النّاقص.

محصّل كلامه في المقام: هو وجوب الخصال أو الخصلتين هو وجوب ناقص بمعنى وجوب الاتيان بكلّ منهما إلّا في حال الاتيان بالآخر، وذلك لأنّه ناقص لا لأنّه مشروط. ومردّ كلّ وجوب هو إلى وجوب سدّ أبواب العدم وهذه حقيقته. فينقسم الوجوب عنده إلى وجوب تامّ وناقص؛ فإن كان مأمورًا بسدّ جميع أبواب العدم، فالوجوب تامّ وإن كان مأمورًا بسدّ بعض أبواب العدم فالوجوب ناقص.

 

برچسب ها: الواجب التخييري

چاپ

 نقل مطالب فقط با ذکر منبع مجاز است